سجّل معدل التضخم السنوي في تركيا انخفاضًا ملحوظًا خلال مايو 2025، حيث تراجع إلى 35.41% مقارنة بنسبة 37.86% في أبريل، متجاوزًا بذلك توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 36.1%. ويمثل هذا التراجع أدنى مستوى للتضخم منذ نوفمبر 2021، ما يعكس نجاح السياسات النقدية المتشددة التي ينتهجها البنك المركزي التركي في كبح جماح الأسعار.
تفاصيل التراجع وأسبابه
جاء الانخفاض في التضخم مدعومًا بتراجع الأسعار في معظم القطاعات، خاصة الأغذية والمشروبات غير الكحولية التي انخفضت إلى 32.87%، وقطاع الإسكان والمرافق الذي شهد تراجعًا كبيرًا إلى 67.43%. كما انخفضت معدلات التضخم في قطاعات الأثاث، الملابس، والفنادق والمطاعم، بينما شهد قطاع النقل زيادة طفيفة في الأسعار.
على المستوى الشهري، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 1.53% فقط في مايو، وهو أقل ارتفاع شهري منذ خمسة أشهر، مقارنة بزيادة 3% في أبريل، ودون توقعات السوق التي كانت تشير إلى 2%.
انعكاسات على الأسواق وثقة المستثمرين
تفاعلت الأسواق المالية التركية بإيجابية مع بيانات التضخم، حيث قفز مؤشر قطاع البنوك بنسبة 5.3%، وارتفع مؤشر بورصة إسطنبول BIST 100 بنسبة 2.5%، في إشارة إلى تحسن ثقة المستثمرين وتوقعاتهم بمزيد من الاستقرار الاقتصادي. ويُتوقع أن يفتح هذا التراجع الباب أمام البنك المركزي التركي للنظر في تخفيف السياسة النقدية مستقبلاً، إذا استمر التضخم في مساره التنازلي.
الاقتصاد التركي: نمو متواصل رغم التحديات
ورغم استمرار الضغوط الناتجة عن أسعار الفائدة المرتفعة، أظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي نمو الاقتصاد بنسبة 2% في الربع الأول من عام 2025، متجاوزًا بعض التوقعات. كما يتوقع خبراء الاقتصاد أن يبلغ معدل النمو السنوي نحو 3% خلال عام 2025، رغم تباطؤ وتيرة النمو مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس قدرة الاقتصاد التركي على الصمود في وجه التحديات.
وتهدف الحكومة التركية إلى خفض التضخم إلى أقل من 30% بنهاية 2025، مع التركيز على تعزيز الاستثمار في التكنولوجيا والتصنيع، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتحسين التصنيف الائتماني للبلاد.
تحديات قائمة وتوقعات مستقبلية
رغم التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات أمام الاقتصاد التركي، أبرزها ضعف العملة المحلية، وضغوط الأجور، وارتفاع تكاليف الواردات، بالإضافة إلى استمرار حالة عدم اليقين السياسي. كما تظل توقعات الأسواق بشأن تحقيق أهداف البنك المركزي التركي للتضخم أكثر تحفظًا، حيث يتوقع بعض المحللين أن يستقر التضخم عند 30% بنهاية العام، وهو أعلى من الهدف الرسمي البالغ 24%.
ومع ذلك، فإن استمرار التراجع في معدلات التضخم وتحسن مؤشرات النمو يعززان الثقة في قدرة الاقتصاد التركي على تجاوز المرحلة الحرجة، خاصة مع استمرار السياسات الإصلاحية والتشدد النقدي، وتحسن التصنيف الائتماني المتوقع للبلاد في حال تحقق الاستقرار المطلوب.











