في صباحٍ دمشقيٍّ هادئ، يعود صوت الطائرات ليخترق سماء العاصمة، معلنًا بداية فصل جديد من الانفتاح الاقتصادي بعد سنواتٍ من العزلة. لم تكن عودة طيران الإمارات إلى مطار دمشق مجرد خبرٍ عابر؛ بل هي رسالة تحمل في طياتها إشارات واضحة إلى تحولات أعمق تشهدها سوريا، حيث يسعى النظام السوري لاستعادة نبض الاقتصاد عبر بوابات التعاون الإقليمي وجذب الاستثمارات. وبينما تستعد الطائرات للإقلاع من دبي نحو دمشق، تتهيأ الأسواق السورية لاستقبال فرص جديدة، وتطلعات متجددة نحو التعافي والنهوض.
تشكل عودة طيران الإمارات إلى دمشق بعد انقطاع دام أكثر من 13 عامًا حدثًا اقتصاديًا وسياسيًا بارزًا، يعكس توجه النظام السوري نحو الانفتاح الإقليمي واستقطاب الاستثمارات، في إطار جهود أوسع لتعزيز التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الحرب والعقوبات. هذا القرار يأتي ضمن حزمة من العوامل والسياسات التي اعتمدها النظام لتحسين الاقتصاد السوري، ويمكن تلخيصها في المحاور التالية:
- الانفتاح على الدول الخليجية واستعادة العلاقات الاقتصادية
استئناف الرحلات الجوية بين دمشق ودبي يُعد مؤشرًا على تحسن العلاقات مع الإمارات، الشريك التجاري البارز لسوريا، ويفتح الباب أمام زيادة التبادل التجاري والاستثماري، خاصة في قطاعات مثل العقارات والبنية التحتية والطاقة.
تعزيز العلاقات مع الإمارات يُسهم في تخفيف آثار العقوبات الاقتصادية، ويدعم مشاريع إعادة الإعمار عبر عودة الشركات الاستثمارية والمساعدات المالية، بالإضافة إلى دعم القطاع المصرفي والمالي السوري بخبرات إماراتية.
- جذب الاستثمارات الخارجية وتنشيط التبادل التجاري
استئناف الطيران سيتيح تدفق رجال الأعمال والمستثمرين، ويعزز حركة الشحن والتجارة، مع توقعات بزيادة حجم التبادل التجاري الذي بلغ 680 مليون دولار في 2024 بنمو 23% عن العام السابق.
من المتوقع أن يشجع هذا الانفتاح شركات طيران ودولًا أخرى على استئناف رحلاتها إلى سوريا، ما يدعم قطاع السياحة ويخلق فرص عمل جديدة.
- إعادة بناء البنية التحتية وتطوير القطاعات الحيوية
ركزت الحكومة السورية على إعادة بناء البنية التحتية المدمرة، خاصة في مجالات النقل والطاقة والمياه، من خلال استقطاب الاستثمارات والشراكات الدولية، مثل الاتفاقيات الأخيرة مع تحالف شركات دولية لإنشاء محطات كهرباء ضخمة.
دعم القطاع الزراعي عبر توفير القروض والبذور والأسمدة، وتنشيط التسويق المحلي، ما يعزز الأمن الغذائي ويقلل الحاجة للاستيراد.
- استعادة الاستقرار النقدي وتحفيز المغتربين
أطلقت الحكومة سياسات نقدية جديدة، مثل إصدار “سندات التعافي” بالدولار للمغتربين السوريين، وتسهيل تداول العملات الأجنبية، ما يهدف إلى جذب رؤوس الأموال وتحسين الاحتياطي النقدي.
تسهيل عودة المغتربين من خلال الربط الجوي المباشر، ما يعزز التحويلات المالية ويستفيد من خبرات وكفاءات الجالية السورية الكبيرة في الخليج وأوروبا.
- تعزيز القطاع الخاص وتسهيل بيئة الأعمال
تبنت الحكومة إصلاحات قانونية وإدارية لتسهيل الاستثمار، وتقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على التدريب المهني وربط التعليم بسوق العمل.
تشجيع الابتكار وريادة الأعمال عبر حاضنات الأعمال والشراكات بين القطاعين العام والخاص.









