في ظل تقلبات الاقتصاد المصري وتزايد الضغوط المعيشية على المواطنين، تبرز مؤشرات أداء القطاع الخاص كمرآة تعكس واقع السوق المحلي وتحدياته المتفاقمة. وبينما تتجه الأنظار إلى مؤشرات التعافي، تظهر الأرقام أن الطريق لا يزال محفوفاً بالمخاطر، مع استمرار تراجع الجنيه واشتداد وطأة التضخم على مختلف شرائح المجتمع.
وسط هذه الأجواء، سجّل مؤشر مديري المشتريات في مصر ارتفاعاً طفيفاً إلى 49.5 نقطة في مايو 2025، مقارنة بـ48.5 نقطة في أبريل، ما يشير إلى تباطؤ وتيرة الانكماش في القطاع الخاص غير النفطي. ورغم هذا التحسن النسبي، لا تزال بيئة الأعمال تعاني من ضغوط شديدة، حيث واصلت الشركات تقليص العمالة وتكثيف إجراءات التقشف، في ظل تسارع تضخم أسعار المنتجات إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر.

ما هو مؤشر مديري المشتريات؟
مؤشر مديري المشتريات (PMI) هو أداة اقتصادية مهمة تقيس أداء القطاع الخاص غير النفطي من خلال استطلاع آراء مديري المشتريات حول أوضاع الإنتاج والطلبيات الجديدة والتوظيف والمخزون والأسعار. ويُعد المؤشر مرجعاً رئيسياً لقياس مدى توسع أو انكماش النشاط الاقتصادي، حيث تشير القراءة فوق 50 نقطة إلى نمو، بينما تعني القراءة دون 50 نقطة انكماشاً في النشاط. ويعكس المؤشر ثقة مجتمع الأعمال في مناخ الاستثمار والتوقعات المستقبلية، ما يجعله مؤشراً حساساً لأي تغيرات اقتصادية أو سياسات مالية.
تضخم متسارع وجنيه متراجع
يأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه الاقتصاد المصري تحديات هيكلية حادة. فقد ارتفع معدل التضخم السنوي إلى مستويات غير مسبوقة، مدفوعاً بارتفاع أسعار الوقود وتحرير أسعار الطاقة، ما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين. في المقابل، واصل الجنيه المصري تراجعه الحاد أمام الدولار، متجاوزاً حاجز 50 جنيهاً للدولار، مع توقعات باستمرار الهبوط نتيجة ضعف الاحتياطي النقدي وتزايد الاعتماد على الواردات.

إصلاحات شكلية أم حلول جذرية؟
رغم الحديث الرسمي عن مؤشرات إيجابية وتعافٍ تدريجي، يرى مراقبون أن الإصلاحات الاقتصادية لم تعالج جذور الأزمة، بل زادت من الاعتماد على القروض الخارجية وتفاقم الديون، مع استمرار السياسات التقشفية التي أثقلت كاهل المواطن العادي دون أن تحقق نمواً حقيقياً أو تحفز القطاع الخاص بشكل فعلي.

هل هناك أمل في الأفق؟
رغم التحديات، تشير بعض التقارير الدولية إلى إمكانية تحقيق نمو اقتصادي خلال السنوات المقبلة، إلا أن هذا النمو يظل هشاً ما لم تُتخذ إصلاحات جذرية تعالج أسباب الأزمة، وتعيد الثقة إلى بيئة الأعمال والاستثمار.











