في تحوّل استراتيجي لافت، ألغت الحكومة الفيتنامية رسميًا القانون الذي كان يفرض على الأسر الاكتفاء بإنجاب طفلين فقط، وهو القانون الذي تم تطبيقه منذ عام 1988. القرار جاء بعد أن سجّل معدل المواليد في البلاد أدنى مستوياته على الإطلاق خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثار تحذيرات واسعة النطاق بشأن التبعات الاقتصادية والاجتماعية طويلة الأجل.
تراجع ديموغرافي يهدد النمو
وفقًا لبيانات وزارة الصحة الفيتنامية، انخفض معدل الخصوبة إلى 1.95 طفل لكل امرأة بحلول نهاية عام 2024، وهو أدنى من المعدل المطلوب لضمان استقرار السكان والمقدر بـ2.1. وتشير التوقعات إلى أن عدد السكان في سن العمل قد ينخفض بنسبة تصل إلى 15% بحلول عام 2040 إذا استمر هذا الاتجاه، مما سيساهم في تقليص الناتج المحلي الإجمالي بنحو 3% سنويًا اعتبارًا من عام 2030، بحسب تقديرات البنك الدولي.
فاتورة باهظة على الاقتصاد
تشير تقارير اقتصادية إلى أن الخسائر الاقتصادية المحتملة نتيجة انخفاض معدل المواليد في فيتنام قد تتجاوز 115 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050، بسبب الانكماش في القوى العاملة وارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية والطبية للمسنين.
كما أن نسبة كبار السن (فوق 60 عامًا) تشكل حاليًا نحو 13% من السكان، ومن المتوقع أن ترتفع إلى أكثر من 25% بحلول عام 2050، مما سيفرض ضغوطًا كبيرة على نظام التأمينات والمعاشات، ويزيد من العبء المالي على الحكومة.
توجهات جديدة لتحفيز الإنجاب
في مواجهة هذه المؤشرات المقلقة، تخطط الحكومة الفيتنامية لإطلاق حزم دعم للأسر، تشمل إعانات مالية مباشرة للأسر التي تنجب أكثر من طفل، وتوسيع إجازات الأمومة، وتقديم حوافز ضريبية. كما تم رصد موازنة أولية بقيمة 1.2 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة لدعم هذه المبادرات.
فيتنام في مواجهة “الشتاء الديموغرافي”
لا تقف فيتنام وحدها أمام هذا التحدي، إذ انضمت إلى دول آسيوية كبرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية والصين، التي تعاني من انخفاض حاد في المواليد ونقص الأيدي العاملة. ومع ذلك، فإن فيتنام، باعتبارها اقتصادًا ناشئًا يعتمد بشكل كبير على التصنيع والعمالة الشابة، قد تكون أكثر عرضة للخطر إذا لم تتدارك هذا التراجع السكاني مبكرًا.
ويتفق خبراء الاقتصاد على أن التعامل مع هذه الأزمة يتطلب تغييرات جذرية في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وتعاونًا بين القطاعين العام والخاص للحفاظ على زخم النمو وتحقيق الاستدامة الديموغرافية.








