بحث وزير المالية السوري محمد يُسر برنية مع سفيرة السويد لدى سوريا ولبنان جيسيكا سفار دستروم تفاصيل المنحة السويدية المقدمة لسوريا بقيمة 80 مليون دولار، وذلك خلال لقاء رسمي في دمشق. تأتي هذه المنحة في إطار دعم جهود الإصلاح الاقتصادي وإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، بعد سنوات من الدمار الذي خلفته الحرب والصراع السياسي في البلاد.
وأكد الوزير السوري في تصريحاته أهمية توجيه الجزء الأكبر من المنحة لإعادة تأهيل المستشفيات والمدارس المتضررة، بالتنسيق المباشر مع وزارتي الصحة والتربية، مشيرًا إلى أن الدعم السويدي سيشمل أيضًا تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات في مجالات المالية العامة والقطاع المالي. واتفق الجانبان على استقبال وفد من الشركات السويدية الكبرى الشهر المقبل لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.
مؤشرات التحسن في الاقتصاد السوري بعد انهيار حكم الأسد
منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شهدت سوريا تغيرات اقتصادية ومعيشية ملموسة، رغم استمرار التحديات الضخمة. أبرز مؤشرات التحسن شملت:
تحسن سعر صرف الليرة السورية: ارتفعت قيمة الليرة أمام الدولار بنسبة 20-30% بعد تحرير سعر الصرف والسماح بتداول الدولار والليرة التركية إلى جانب الليرة السورية. أدى ذلك إلى انخفاض أسعار سلع أساسية مثل الزيت والسكر والرز والبطاطا بنسبة تراوحت بين 10 و25%.
انخفاض الأسعار واختفاء الطوابير: تراجعت أسعار العديد من المواد الأساسية، كما اختفت مشاهد الطوابير في محطات الوقود، وبدأت البلاد تشهد انفتاحًا اقتصاديًا ورفعًا جزئيًا للعقوبات، ما سمح بدخول قوافل إغاثية وعودة تدريجية للنازحين واللاجئين.
إجراءات حكومية لتحفيز الاقتصاد: أقدمت الحكومة الانتقالية على تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50-60%، ورفعت الدعم عن معظم السلع باستثناء الخبز، كما تم الاتفاق مع قطر وتركيا على تحسين إمدادات الكهرباء، ما ساهم في إعادة تشغيل بعض المؤسسات الصناعية.
عودة الكفاءات البشرية والاستثمارات: مع تحسن الأوضاع الأمنية نسبياً، بدأت عودة الكوادر السورية من الخارج، وظهرت بوادر لاستقطاب استثمارات عربية ودولية، إضافة إلى استقبال وفود من شركات أجنبية كبرى.
تحسن الخدمات والبنية التحتية: تم البدء بإعادة تأهيل مراكز صحية ومستشفيات، وعودة الجامعات السورية إلى تصنيفات عالمية، إلى جانب جهود لمحاربة الفساد وتعطيل القوانين المعيقة لحياة المواطنين.
تحديات مستمرة وآفاق مستقبلية
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لا يزال الاقتصاد السوري يواجه تحديات بنيوية كبيرة، منها ضعف الاستقرار الأمني في بعض المناطق، ودمار واسع في البنية التحتية، وارتفاع تكاليف النقل والطاقة، إضافة إلى نقص السيولة بالعملات الأجنبية وصعوبة صرف رواتب وأجور العاملين في الدولة.
تشير تقديرات الخبراء إلى أن الاقتصاد السوري يحتاج إلى نحو عشر سنوات للعودة إلى مستويات ما قبل الحرب، بشرط استمرار الدعم الدولي واستتباب الاستقرار السياسي والأمني. كما أن التعافي الحقيقي يتطلب إصلاحات هيكلية شاملة، وتوحيد الاقتصاد الوطني، وجذب استثمارات واسعة النطاق في القطاعات الإنتاجية والخدمية.
خلاصة
تعد المنحة السويدية الأخيرة علامة على بداية انفتاح اقتصادي ودعم دولي لسوريا في مرحلة ما بعد الأسد، وتأتي ضمن سلسلة من المؤشرات التي تعكس تحسنًا تدريجيًا في الاقتصاد السوري. ومع ذلك، يبقى التعافي الكامل رهينًا باستمرار الإصلاحات، وتكثيف الدعم الدولي، وتجاوز التحديات الأمنية والإدارية التي خلفها عقد من الحرب والانقسام.











