مطار دمشق يستعيد نشاطه.. وعودةٌ تَحملُ رمزيةً تاريخية
في مشهدٍ لافتٍ جمع بين البُعدين الشعبي والسياسي، وطأت قدمَا المُعارض السوري البارز جورج صبرا أرض مطار دمشق الدولي صباح الثلاثاء 7 يناير 2025، بعد غيابٍ قسريٍّ دام 14 عامًا قضاها بين المنافي والسجون. جاءت العودة بالتزامن مع استئناف المطار لعملياته الدولية تحت إدارة السلطة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، في خطوةٍ رمزيةٍ أعادت إحياء أسئلةٍ حول دور الرموز التاريخية في المشهد الجديد.
تفاصيل الواقعة: حشودٌ شعبيةٌ وغيابٌ رسميٌ لافت
وصفت لقطاتٌ بثها ناشطون محليون لحظة وصول صبرا (78 عامًا) بأنها “مشحونة بالدموع والهتافات الثورية”، حيث احتشد المئات من الأهالي رافعين أعلام الاستقلال ويهتفون بشعاراتٍ تعود إلى أيام الانتفاضة الأولى[6]. في المقابل، لاحظ المراقبون غياب أي تمثيلٍ حكوميٍ أو أمنيٍ رفيع المستوى، رغم الإعلانات السابقة عن “ترحيب السلطة بجميع أبناء الوطن”ط.
“لم نأتِ لنستأذنَ أحدًا، عودتُنا حقٌ كفَلَهُ دمُ الشهداء”، هكذا علّق صبرا للصحفيين عند سؤاله عن سبب الغياب الرسمي.
خلفية المُعارض: مسيرةُ نضالٍ من السجن إلى المنفى
يُعتبر صبرا أحد أبرز وجوه المعارضة منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث اعتُقل لأول مرة عام 1987 وحُكم عليه بـ8 سنوات في سجن صيدنايا العسكري. عاد للنشاط السياسي مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، ليتولى رئاسة المجلس الوطني السوري ثم الائتلاف الوطني، قبل أن يغادر البلاد سرًا عام 2011 تحت تهديد القناصة.
تحليل المشهد: رسائلُ متضاربةٌ من السلطة الانتقالية
يأتي الغياب الرسمي في وقتٍ تُظهر فيه إدارة الشرع انفتاحًا دوليًا، حيث استقبل المطار الأسبوع الماضي وفدًا فلسطينيًا رفيعًا بحضور أمني مكثف. محللون سياسيون يرون في هذه الخطوة محاولةً لتهميش الرموز القديمة لصالح تحالفاتٍ جديدةٍ تقودها فصائل عسكرية سابقة.
تفاعلاتٌ إقليميةٌ ودولية: بين الترحّب والحذر
عقب الحدث، عبّرت دولٌ مثل قطر عن ترحيبها بالخطوة عبر زيادة رحلاتها الجوية إلى دمشق. في المقابل، حذّرت تقارير دبلوماسية من “إعادة إنتاج ثقافة الإقصاء” تحت شعارات التغيير، مُشيرةً إلى تجارب سابقة في دول الربيع العربي.
مستقبل المعارضة: بين إرث الماضي وتحديات الحاضر
تُطرح تساؤلاتٌ حول دور صبرا في المرحلة القادمة، خاصةً مع التحضيرات لانتخاباتٍ تشريعيةٍ مُزمعة نهاية 2025م. مصادر مقرّبة من مكتبه أكدت أن الزيارة تهدف إلى “تقويم الواقع الميداني”، بينما يرى مراقبون أنها قد تُشكل نواةً لتحالفاتٍ جديدةٍ بين قدامى المعارضين وقوى التغيير الناشئة.
الخاتمة: عودةٌ تفتح أبوابَ الأسئلة
لا تزال صورة الرجل السبعيني وهو يعبر صالة الوصول الفسيحة بمفرده تختزل إشكالية المرحلة الانتقالية: بين إرث ثوريٍ عتيقٍ وواقعٍ سياسيٍ يبحث عن شرعية جديدة. في حين تُعِدُّ دمشق لاستقبال المزيد من العائدين، يبقى السؤال عما إذا كانت سوريا الجديدة قادرةً على استيعاب تناقضات ماضيها أم ستكرر نفس الأخطاء.










