ترامب ينشر ألفي عنصر من الحرس الوطني في لوس أنجلوس وسط اشتباكات عنيفة ضد مداهمات الهجرة
أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني في شوارع لوس أنجلوس للسيطرة على الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت ردّاً على حملات مداهمة واسعة لاعتقال المهاجرين غير الشرعيين. هذا القرار، الذي جاء بعد يومين من المواجهات المتواصلة بين المحتجين وقوات إنفاذ القانون الفيدرالية، يمثل تصعيداً كبيراً في سياسة ترامب المتشددة ضد الهجرة غير القانونية.
خلفية الأحداث والمواجهات الأولى
بداية الاضطرابات في لوس أنجلوس
اندلعت الاحتجاجات الأولى مساء الجمعة بعد أن نفّذت سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) عمليات مداهمة واسعة في عدة مواقع بلوس أنجلوس، مما أدى إلى اعتقال 44 شخصاً على الأقل بتهمة انتهاك قوانين الهجرة. استهدفت هذه العمليات مواقع متعددة بما في ذلك متجر هوم ديبوت في منطقة ويتليك، ومتجر ملابس في منطقة الأزياء، ومستودع ملابس في جنوب لوس أنجلوس.
شهدت منطقة باراماونت، التي يشكل اللاتينيون 82% من سكانها، أعنف المواجهات حيث تجمع المحتجون عند متجر هوم ديبوت الذي يُعرف كنقطة تجمع للعمال اليوميين الباحثين عن عمل. تطورت المواجهات إلى اشتباكات استمرت لساعات، حيث استخدمت قوات إنفاذ القانون القنابل المضيئة والغاز المسيل للدموع.
تصاعد المواجهات لليوم الثاني
استمرت الاضطرابات لليوم الثاني على التوالي، حيث تجمع مئات المحتجين في منطقة باراماونت وسط لوس أنجلوس. شهدت المواجهات تصعيداً ملحوظاً عندما حاول المتظاهرون منع عملاء الهجرة من مغادرة مواقع العمليات، مما أدى إلى حصار المباني الفيدرالية.
قرار نشر الحرس الوطني والتبريرات الرسمية
الإعلان الرسمي وتفاصيل الانتشار
أعلنت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أن “الرئيس ترامب وقّع مذكرة رئاسية لنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني للتعامل مع حالة الفوضى التي سُمح لها بالتفاقم”. جاء هذا القرار بموجب البند العاشر من مدونة قوانين الولايات المتحدة، الذي يمنح الرئيس سلطة تعبئة الحرس الوطني دون موافقة الحكام المحليين.
تهديدات بتصعيد عسكري إضافي
تجاوز التصعيد نشر الحرس الوطني عندما هدد وزير الدفاع بيت هيغسيث بنشر قوات عسكرية نظامية إذا استمر العنف. كتب هيغسيث على وسائل التواصل الاجتماعي: “إذا تواصل العنف، فستتم الاستعانة بمشاة البحرية ممن هم في الخدمة في معسكر بندلتن. إنهم في حالة تأهب”.
ردود الفعل السياسية والمحلية
انتقادات حاكم كاليفورنيا
واجه قرار ترامب انتقادات حادة من حاكم كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم، الذي وصف الخطوة بأنها “تحريضية بشكل متعمد ولن تؤدي إلا إلى تصعيد التوترات”. دعا الحاكم المحتجين إلى عدم استخدام العنف، قائلاً: “لا تعطوهم ذلك. لا تستخدموا العنف إطلاقاً. احتجوا بشكل سلمي”.
موقف السلطات المحلية
أكدت إدارة شرطة لوس أنجلوس أنها لا تشارك في عمليات إنفاذ قوانين الهجرة الفيدرالية، وأن هدفها هو ضمان سلامة الجمهور. أقرت رئيسة بلدية لوس أنجلوس كارن باس بأن بعض سكان المدينة “يشعرون بالخوف” من تحركات إدارة الهجرة والجمارك.
طبيعة الاحتجاجات وردود الفعل الشعبية
تركيبة المحتجين ومطالبهم
تميزت الاحتجاجات بمشاركة واسعة من الجالية اللاتينية التي تشكل نسبة كبيرة من سكان لوس أنجلوس، خاصة في المناطق المستهدفة بعمليات المداهمة. هتف المتظاهرون شعارات مثل “أطلقوا سراحهم جميعاً” و”Fuera ICE” (اخرجوا يا ICE)، وحملوا لافتات كُتب عليها “حقوق كاملة لجميع المهاجرين” و”أوقفوا الترحيل”.
الأساليب المستخدمة في المواجهات
تنوعت أساليب المقاومة المستخدمة من قبل المحتجين، حيث شملت إلقاء الحجارة على المركبات الفيدرالية، وإضرام النار في الممتلكات، ورمي المفرقعات باتجاه عناصر قوات إنفاذ القانون. ردت قوات الأمن باستخدام القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع والقنابل المضيئة لتفريق الحشود.
السياق الأوسع لسياسة الهجرة
حملة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية
تأتي هذه الأحداث في إطار حملة ترامب الواسعة ضد الهجرة غير الشرعية، والتي وصفها بأنها ستكون “أكبر عملية ترحيل في التاريخ الأمريكي”. أفادت وزارة الأمن الداخلي بأن عمليات إدارة الهجرة والجمارك في لوس أنجلوس هذا الأسبوع أدت إلى توقيف “118 أجنبياً بينهم خمسة أعضاء في عصابة“.
التأثير على المجتمعات المحلية
شملت الحملة الشاملة على المهاجرين أيضاً أشخاصاً مقيمين بشكل قانوني في البلاد، بما في ذلك بعض حاملي الإقامة الدائمة، مما أثار طعوناً قانونية واسعة. تسببت العمليات في حالة من الخوف والقلق بين المجتمعات اللاتينية، خاصة في المدن التي تضم جاليات كبيرة من المهاجرين مثل لوس أنجلوس.
التداعيات القانونية والأمنية
الإطار القانوني لنشر الحرس الوطني
استند ترامب في قراره على البند العاشر من مدونة القوانين الأمريكية، وهو قانون فيدرالي يضع الرئيس فوق الحكام في سلسلة القيادة للحرس الوطني. هذا الإجراء نادر الحدوث ويُستخدم عادة في حالات الطوارئ الكبرى أو الكوارث الطبيعية.
التحديات الأمنية المستقبلية
حذر نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي دان بونجينو من استمرار الملاحقة القانونية للمتورطين في أعمال العنف، قائلاً: “أنتم تجلبون الفوضى، ونحن نجلب الأصفاد. سيسود القانون والنظام”. وصف ستيفن ميلر، نائب كبير موظفي البيت الأبيض، الاحتجاجات بأنها تعد “تمرداً على سيادة الولايات المتحدة وقوانينها“.
الخلاصة والتطلعات المستقبلية
تمثل أحداث لوس أنجلوس نقطة تحول مهمة في سياسة ترامب الخاصة بالهجرة وإنفاذ القانون، حيث شهدت أول استخدام للحرس الوطني في مواجهة احتجاجات مناهضة لسياسات الهجرة خلال ولايته الثانية. القرار بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني، مع التهديد بإشراك مشاة البحرية، يعكس استعداد الإدارة لاستخدام القوة العسكرية لفرض سياساتها.
تبرز هذه الأحداث التوتر المتزايد بين الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية الديمقراطية حول كيفية التعامل مع قضايا الهجرة والأمن العام. مع استمرار حملة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية على مستوى البلاد، قد تشهد مدن أخرى أحداثاً مماثلة، خاصة تلك التي تضم جاليات كبيرة من المهاجرين.










