تحذير خطير: تركيا تستخدم المياه كأداة ضغط اقتصادي على العراق
مؤسسة “عراق المستقبل” تكشف عن تطور خطير في العلاقات العراقية-التركية حيث تتعامل أنقرة مع بغداد وفق مبدأ “الاستيراد مقابل الماء”، مما يهدد الأمن المائي والاقتصادي للعراق في ظل سعي تركيا لرفع التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار مع هيمنة صادراتها بنسبة تزيد عن 90%.
التحذير الرسمي وأبعاده الاستراتيجية
حذر منار العبيدي، رئيس مؤسسة “عراق المستقبل”، من تحول خطير في السياسة التركية تجاه العراق، حيث باتت أنقرة تتعامل مع بغداد وفق مبدأ “الاستيراد مقابل الماء”. يأتي هذا التحذير في أعقاب كشف رئيس غرفة تجارة أنقرة عن هدف مشترك لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 30 مليار دولار، مع تشكيل الصادرات التركية أكثر من 90% من هذا الرقم.
يعكس هذا التطور استراتيجية تركية واضحة لاستغلال السوق العراقية وجذب الحصة الأكبر من الصادرات الإيرانية والإماراتية المتجهة إلى العراق. كما تسعى تركيا للحد من أي جهود وطنية عراقية لدعم الإنتاج المحلي أو تطوير القطاعات الزراعية والصناعية.
“كلما ازدادت واردات العراق من السلع التركية، زادت فرص حصوله على إطلاقات مائية من تركيا. وهذه المعادلة تحمل في طياتها تهديداً خطيراً للزراعة والثروة الحيوانية والصناعات المحلية”السياق التاريخي لأزمة المياه العراقية-التركية
تعتمد العراق في تأمين المياه أساساً على نهري دجلة والفرات وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران. يواجه العراق تحدياً كبيراً يتمثل في أن 70% من الموارد المائية تأتي من خارج الحدود، مما يجعله رهينة للسياسات المائية التي تنتهجها دول الجوار.
يقدر إجمالي ما يحتاجه العراق من المياه لكافة الاحتياجات سنوياً بنحو 53 مليار متر مكعب. وتشير البيانات الرسمية إلى أن أعلى إيرادات مسجلة للعراق منذ 2009 وحتى 2021 كانت في الموسم المائي 2018-2019، وبلغ معدل الإيراد المائي حينها 2965 متراً مكعباً بالثانية.
تأثير السدود التركية على الموارد المائية
تعد السدود التركية العامل الأكثر تأثيراً على الواردات المائية للعراق. يبرز سد اليسو كمثال واضح على هذا التأثير، حيث ستنخفض كميات المياه من 9 مليار متر مكعب إلى 20% فقط، مما سينعكس على جميع السكان القاطنين على حوض نهر دجلة.
سيؤدي هذا إلى تردي الأوضاع الاقتصادية للفلاحين والمزارعين وزيادة معدلات البطالة، كما يتطلب من العراق استيراد المحاصيل الزراعية بدلاً من الاكتفاء الذاتي.
الاتفاقيات المائية والمفاوضات الحالية
رغم التحديات، أشادت وزارة الموارد المائية العراقية بالاتفاقية الإطارية بين العراق وتركيا الموقعة في أبريل 2025، والتي ضمنت حقوق العراق المائية لعشر سنوات مقبلة. تتضمن الاتفاقية ثلاثة محاور رئيسة:
- الإدارة المشتركة لحوض دجلة الفرات
- تبادل المعلومات وقواعد البيانات لإدارة مشاريع الري
- استثمارات الشركات التركية بالتنسيق مع الجهات العراقية
يشير وزير الموارد المائية إلى أن قضية المياه مع تركيا سياسية أكثر مما هي فنية، حيث تربط أنقرة ملف المياه بقضية تصدير النفط وحزب العمال الكردستاني.
التداعيات الاقتصادية والحلول المقترحة
يجد العراق نفسه أمام خيارين صعبين: إما التنازل عن جزء من حقه المائي، أو المضي في استيراد بضائع تركية بمعدلات قد تصل إلى 30 مليار دولار سنوياً. هذا الوضع يهدد بتحويل العراق إلى سوق استهلاكية للمنتجات التركية على حساب الإنتاج المحلي.
تسعى الحكومة العراقية إلى تطوير استراتيجيات بديلة، حيث أكد العراق حاجته إلى إنشاء 36 سداً لمواجهة فيضانات محتملة وتعزيز قدرته على إدارة المياه. كما تشمل الخطة الحكومية مشاريع استثمارية في قطاع الموارد المائية وتطبيق تقنيات الري الحديثة.
التوصيات
تكشف قضية “الاستيراد مقابل الماء” عن تحول خطير في طبيعة العلاقات العراقية-التركية. يتطلب هذا التحدي استجابة شاملة تجمع بين:
- التفاوض الدبلوماسي الفعال على المستوى الإقليمي والدولي
- الاستثمار في البنية التحتية المائية والتقنيات الحديثة
- تنويع الاقتصاد العراقي لتقليل الاعتماد على الواردات التركية
- تطوير استراتيجية طويلة المدى لضمان الأمن المائي
نجاح العراق في مواجهة هذا التحدي سيحدد ليس فقط مستقبل الأمن المائي، بل أيضاً الاستقلال الاقتصادي والسيادة الوطنية للبلاد في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة.










