في حادثة أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الصومالية، اتهم نشطاء وسكان محليون حكومة مقديشو بـ”تزوير الحقائق وتضليل الرأي العام”، بعد أن ادّعى وزير الدفاع أحمد معلم فقي أن عملية مقتل القيادي البارز في حركة الشباب، نور عبدي روبل (نونول)، كانت نتيجة “غارة جوية مشتركة” نفذتها وكالة الاستخبارات والأمن الوطني (NISA) والجيش الوطني الصومالي (SNA) بدعم أمريكي.
الميدان يقول غير ذلك
الواقع على الأرض، بحسب مصادر ميدانية وشهود من منطقة هيران، مختلف تمامًا. فقد أكدت مصادر محلية أن من نفّذ العملية هو تحالف ميليشيا “ماكاويسلي زاوادل” القبلية، التي تتصدر منذ أشهر الجبهات ضد مقاتلي “الشباب” في وسط الصومال، وتقاتل بتجهيزات بدائية دون دعم حكومي منتظم.
الميليشيا استطاعت قتل نونول، أحد أخطر قادة “الشباب”، الذي يُقال إنه كان مسؤولًا عن تحركات الجماعة في هيران وشبيلي الوسطى وغالمودوغ.
“تزوير سياسي للانتصارات”
ناشطون صوماليون وصفوا تصرّف الحكومة بـ”العار السياسي”، مشيرين إلى أن نسب الإنجاز لقوات رسمية لم تكن مشاركة أصلاً هو “استمرار لنهج فيلا الصومال القائم على تضخيم الذات وتجاهل التضحيات الحقيقية”.
وأضاف أحد الضباط المتقاعدين (طلب عدم ذكر اسمه): “الحكومة لم تكن في الصورة أصلاً. من غير المعقول سرقة مجهود مقاتلين محليين يخاطرون بحياتهم يوميًا، لصالح صورة إعلامية زائفة.”
أزمة ثقة تتعمق
هذا الحادث أعاد إلى الواجهة الهوة العميقة بين الحكومة المركزية والميليشيات المحلية، التي باتت تمثل خط الدفاع الأول ضد الجماعات المتطرفة في المناطق الريفية. وتأتي هذه الحادثة في وقت تواجه فيه الحكومة انتقادات متزايدة بشأن شفافيتها وإستراتيجيتها في الحرب على الإرهاب.
الحقيقة ضحية “الدعاية”
يرى مراقبون أن الحكومة الصومالية تحوّلت إلى ماكينة دعاية أكثر من كونها قيادة فعالة، تهدف إلى تصدير صورة انتصارات عسكرية ميدانية لأغراض سياسية، حتى وإن تم ذلك على حساب المقاتلين الفعليين.
وفيما التزمت الحكومة الصمت بعد تصاعد الضجة، لا يزال الغضب الشعبي يتصاعد، خصوصًا في أوساط العشائر التي شعرت بـ”الإهانة” بعد تجاهل جهود أبنائها على الأرض.










