في ظل أجواء من التقلبات المالية العالمية، سجلت الأسواق الأمريكية حدثاً بارزاً خلال شهر مايو/آيار 2025، حيث سحب المستثمرون الأجانب صافي 37 مليار دولار من الأسهم الأمريكية، وهو أعلى مستوى سحب شهري منذ 12 شهراً على الأقل، وفقاً لتقرير غولدمان ساكس.
ويأتي ذلك بعد سحب مماثل في أبريل/نيسان بلغ 7 مليارات دولار، ليصبح بذلك ثاني شهر على التوالي تشهد فيه البورصة الأمريكية خروجاً صافياً لأموال المستثمرين الأجانب.
أسباب الانسحاب وارتباطه بثقة المستثمرين
يرجح المحللون أن هذا الانسحاب الكبير يعكس ارتفاع مشاعر تجنب المخاطرة بين المستثمرين الأجانب، وسط تزايد حدة التقلبات في الأسواق التقليدية وتراجع أداء بعض المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500 الذي تراجع بنسبة 1.2% من أعلى مستوياته في منتصف مايو/آيار. كما أن التوترات الجيوسياسية، مثل تجدد النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وارتفاع عوائد السندات الأمريكية، ساهمت في دفع المستثمرين نحو البحث عن أصول أكثر أماناً.
رغم ذلك، فإن حجم هذه السحوبات لا يزال يمثل جزءاً محدوداً من إجمالي استثمارات الأجانب في الأسهم الأمريكية، التي تقدر بنحو 18 تريليون دولار، مما يشير إلى أن الانسحاب يعكس تحوطاً مؤقتاً وليس فقداناً كاملاً للثقة في الاقتصاد الأمريكي. بل إن بعض التقارير تشير إلى أن المستثمرين الأجانب ما زالوا يضخون استثمارات جديدة في صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) الأمريكية، رغم حركة إعادة توزيع المحافظ الاستثمارية.
تداعيات الانسحاب على الأسواق الأخرى
ترافق انسحاب المستثمرين الأجانب مع زيادة التقلبات في الأسواق التقليدية، ما دفع بعض المستثمرين إلى البحث عن بدائل استثمارية مثل العملات الرقمية (البيتكوين والإيثيريوم) كوسيلة للتنويع والتحوط من التضخم. ومع ذلك، شهدت العملات الرقمية أيضاً تراجعاً في قيمتها خلال نفس الفترة، مما يعكس حالة الحذر السائدة لدى المستثمرين العالميين.
مدى ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي
رغم الانسحابات الأخيرة، فإن العديد من المؤشرات تظهر أن الاقتصاد الأمريكي ما زال يتمتع بجاذبية كبيرة بفضل سيولة أسواقه وعوائد الشركات المرتفعة مقارنةً بالأسواق العالمية الأخرى. كما أن توقعات غولدمان ساكس تشير إلى أن صافي استثمارات الأجانب في الأسهم الأمريكية لعام 2025 قد يصل إلى 300 مليار دولار، أي أقل بقليل من العام الماضي، مما يعني أن الثقة في الاقتصاد الأمريكي لم تتزعزع بشكل كامل.








