في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، من تراجع قيمة الجنيه وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، يبرز معبر رفح كخيار استراتيجي قد يحقق نقلة نوعية للاقتصاد المصري إذا ما تم فتحه بشكل كامل وسمح بنقل المساعدات وعبور قوافل كسر الحصار إلى غزة. هذا السيناريو الافتراضي لا يقتصر على بعده الإنساني فحسب، بل يمتد ليشمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية متعددة، تفتح أبواب النمو والاستقرار أمام الاقتصاد المصري، وتعيد رسم خريطة الفرص في شمال سيناء والمناطق الحدودية.

سياق مترابط وواقعي
يعتبر معبر رفح المنفذ البري الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي دون سيطرة إسرائيلية مباشرة، مما يجعله شريان حياة للسكان الفلسطينيين. وفي حال تم فتحه بالكامل، سيتحول إلى محور رئيسي لحركة التجارة والنقل الإقليمي، ما يعزز مكانة مصر كمركز لوجيستي مهم على الصعيد الإقليمي. هذا التحول لن يقتصر على حركة المساعدات الإنسانية فحسب، بل سيمتد ليشمل حركة البضائع والسلع، ما ينعكس إيجابًا على قطاعات النقل والخدمات اللوجستية المصرية.

مكاسب اقتصادية متوقعة
من المتوقع أن يؤدي فتح معبر رفح إلى ارتفاع كبير في حركة الشاحنات والمساعدات، حيث تشير التقديرات إلى امكانية عبور أكثر من 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميًا، أي أكثر من 200 ألف شاحنة سنويًا. هذا التدفق الهائل سيرفع إيرادات قطاع النقل والخدمات اللوجستية بنسبة تصل إلى 25% خلال العام الأول، وسيخلق فرص عمل مؤقتة ودائمة في مجالات التخزين والنقل والتأمين، خاصة في محافظات شمال سيناء والمناطق الحدودية.
وتشير التوقعات إلى أن الفتح الكامل للمعبر قد يوفر ما بين 15 إلى 20 ألف فرصة عمل مؤقتة ودائمة، ما يسهم في تخفيف حدة البطالة التي تعاني منها هذه المناطق. كما ستعمل حركة النقل المتزايدة على تنشيط الأسواق المحلية، وزيادة الطلب على الخدمات والسلع، ما يعزز النمو الاقتصادي المحلي.

جذب الاستثمارات ورفع الصادرات
لا تقتصر مكاسب فتح معبر رفح على قطاع النقل والخدمات اللوجستية، بل تمتد لتشمل جذب استثمارات أجنبية مباشرة، خاصة من الدول الداعمة للمبادرات الإنسانية وإعادة الإعمار. فمن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات الأجنبية إلى مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأولى، ما يسهم في توفير العملات الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد المصري بشدة.
كما سيمنح الفتح الكامل للمعبر مصر ميزة تنافسية كبيرة في توريد السلع والخدمات إلى غزة، حيث يتوقع أن ترتفع صادرات مصر إلى غزة بنسبة 40% خلال العام الأول، مع ارتفاع حجم التبادل التجاري عبر المعبر إلى 500 مليون دولار سنويًا. هذا الأمر سيدعم الصناعات المحلية، ويفتح أسواقًا جديدة أمام المنتجات المصرية.

تعزيز المكانة الإقليمية والدولية
يعزز فتح معبر رفح من مكانة مصر كوسيط إقليمي محوري، ويسهم في تحسين صورتها الدولية كدولة فاعلة ومسؤولة. هذا الدور سيفتح أبوابًا جديدة للتعاون مع المنظمات الدولية، ويدعم ثقة المستثمرين والشركاء الدوليين، ما ينعكس إيجابًا على العلاقات الدبلوماسية والتجارية.

التحديات والمخاطر
رغم المكاسب الكبيرة، تبقى هناك تحديات أمنية وسياسية، مثل احتمالية استخدام المعبر كأداة ضغط سياسي، أو مخاوف من تهريب الأسلحة. إلا أن مصر، بحكم خبرتها، توازن بين المكاسب الاقتصادية والمخاطر الأمنية، مع الحفاظ على الأمن القومي.
في ظل السيناريو الافتراضي لفتح معبر رفح بالكامل، تتحول مصر إلى مركز اقتصادي ولوجيستي حيوي، يفتح آفاقًا جديدة للنمو والاستقرار، ويعزز من دورها الإقليمي والدولي. هذه الفرصة تتطلب موازنة دقيقة بين المكاسب الاقتصادية والمخاطر الأمنية، مع التأكيد على الدور الإنساني والتنموي لمصر في المنطقة.







