تتصاعد التساؤلات حول مصير الشيخ أحمد بدر الدين حسون، مفتي سوريا السابق، وسط أنباء متضاربة عن وفاته جراء التعذيب في معتقلات السلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
الرجل الذي عُرف بـ”مفتي البراميل” لدعمه المطلق لنظام بشار الأسد المخلوع، يواجه الآن مصيراً غامضاً بعد اعتقاله في مطار دمشق قبل أشهر من محاولته الفرار من البلاد.
وتشير التقارير إلى تعرضه لتعذيب شديد أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل خطير، مع تكتم السلطات عن مكان احتجازه أو حالته الفعلية، مما يثير قلقاً واسعاً حول مستقبل العدالة الانتقالية في سوريا الجديدة.
تفاصيل عملية اعتقال حسون
في يوم الأربعاء الموافق 26 مارس 2025، شهد مطار دمشق الدولي حدثاً مثيراً للجدل عندما ألقت قوات الأمن العام القبض على الشيخ أحمد بدر الدين حسون أثناء محاولته مغادرة البلاد.
وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تم اعتقال حسون بعد ختم جواز سفره من قبل إدارة الهجرة والجوازات في المطار، قبل أن يتم اقتياده من قبل مجموعة من عناصر الأمن العام إلى جهة مجهولة.
أفادت صحيفة الوطن السورية أن حسون كان قد أبلغ السلطات السورية رغبته في المغادرة إلى الأردن لإجراء عملية جراحية مستعجلة، ووافقت السلطات على ذلك وأرسلت سيارتين لمرافقته إلى المطار مع أولاده وزوجته.
وفُتحت له قاعة الشرف بانتظار إقلاع الرحلة، لكن بعد دقائق من وصوله، وصلت سيارة ودخل عناصر الأمن العام إلى القاعة واعتقلوا المفتي واصطحبوه إلى جهة مجهولة دون المساس بأولاده وزوجته.
السياق القانوني للاعتقال
جاء اعتقال حسون بناءً على مذكرة توقيف صادرة من النائب العام في وزارة العدل السورية، والتي تفيد بالقبض عليه وإحضاره “لكونه متهماً في الشكوى المقامة ضده، وقد لاذ بالفرار من وجه العدالة”.
تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي صورة لمذكرة “بحث وقبض” بحق حسون، مما يؤكد الطابع القانوني للعملية.
سبق اعتقال حسون احتجاجات أمام منزله في حلب يومي 17 و18 فبراير 2025، حيث اقتحم محتجون المنزل وطالبوا بمحاسبته.
جاءت هذه الأحداث عقب انتشار مقطع فيديو يظهره وهو يتجول في مدينة حلب دون أي خوف من الملاحقة، مما أثار موجة غضب بين السوريين الذين طالبوا بمحاسبته على دوره في دعم نظام بشار الأسد.
التعذيب والغموض حول المصير
منذ اعتقال حسون في مارس 2025، تتواتر التقارير حول تعرضه للتعذيب الشديد في السجن. أفاد مصدر خاص لقناة نبأ بأن مفتي سوريا السابق دخل في غيبوبة بعد انهيار صحي شديد جراء تعذيبه بشكل قاس وتعرضه لصعقة كهربائية أدت إلى فشل كلوي.
وتتكتم عناصر أحمد الشرع في دمشق عن مكان تواجده حيث لم تسمح لأفراد عائلته بزيارته.
تشير مصادر مطلعة إلى أن حسون تعرض للضرب الشديد على وجهه، حتى تغيرت ملامحه تماماً من كثرة ما تلقاه من ضربات، الأمر الذي نتج عنه إصابته بتشوهات بالغة.
وعند نقله للمشفى، اعتذر الأطباء عن عدم القدرة على إيجاد حل طبي له، وترتب على ذلك موجة من الغضب والغليان في صفوف محبيه ومريديه، متسائلين: أيُعقل أن يُعامَل رجل دين سوري في السابعة والسبعين من عمره بهذه القسوة.
التضارب في الأنباء وصمت العائلة
تتضارب الأنباء حول الوضع الحقيقي لحسون، حيث انتشرت أنباء عن وفاته جراء التعذيب، بينما تؤكد مصادر أخرى أنه ما زال على قيد الحياة رغم تدهور حالته الصحية.
كشفت عائلة الشيخ أنه ليس لديها معلومة حقيقية عن وضعه الصحي ولا أين هو الآن، مما يثير الغموض حول مصيره المجهول حتى اللحظة.
هذا الغموض يأتي رغم التعهدات السابقة من قبل أحمد الشرع بأن المفتي حسون سيكون برعايته وحمايته، إلا أن التسريبات تشي بعكس ذلك.
المتحدث باسم عائلة المفتي، رفيق لطف، أكد في مقابلة تلفزيونية أن العائلة تعيش حالة من القلق بسبب عدم السماح لها بزيارته أو الحصول على معلومات موثقة حول حالته.
تحديات العدالة الانتقالية
تثير قضية حسون تساؤلات جدية حول التزام السلطات الجديدة بمعايير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. فبينما يؤكد الشرع على أهمية المحاسبة والعدالة، تشير التقارير المتضاربة حول معاملة حسون إلى وجود تحديات في تطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع.
هذا الوضع يذكر بانتقادات سابقة وُجهت لهيئة تحرير الشام بشأن ممارسات التعذيب في سجونها قبل سيطرتها على دمشق.
في تقرير صدر في مارس 2024، قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا إن لديها “أسباباً معقولة للاعتقاد بأن أفراد هيئة تحرير الشام ظلوا يرتكبون أعمالاً قد ترقى إلى جرائم الحرب المتمثلة في التعذيب والمعاملة القاسية والحرمان غير القانوني من الحرية، بما في ذلك بطريقة ترقى إلى الاختفاء القسري”.










