الرياض – 11 يونيو 2025:
كشفت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية السعودية عن أرقام صادمة تظهر تصاعدًا في عدد الأجانب في السعودية 2024، حيث بلغ عدد العاملين الأجانب في القطاع الخاص حتى نهاية العام 9.544 مليون موظف، مقابل 2.293 مليون سعودي فقط، من أصل 11.837 مليون عامل. وتُظهر هذه البيانات أن نسبة السعودة في القطاع الخاص لا تتجاوز 19.3%، رغم استمرار مبادرات توطين الوظائف في السعودية.
وبحسب التقرير، شهد شهرا نوفمبر وديسمبر فقط دخول 238 ألف عامل أجنبي جديد إلى سوق العمل، بمعدل يقارب 4000 موظف أجنبي يوميًا، في الوقت الذي تستمر فيه معاناة السعوديين مع ارتفاع البطالة في السعودية. وعلى الرغم من الجهود المعلنة، فإن بطالة السعوديين 2024 ما تزال مقلقة، إذ بلغت 7.1% وفق آخر التقارير الرسمية، ما يثير الشكوك حول نجاعة سياسات التوطين وتوزيع الوظائف.
ويتهم مراقبون الجهات المعنية بتجاهل العمالة غير المسجلة في التأمينات، إلى جانب العمالة المنزلية التي تعمل فعليًا في السوق المفتوح. هذا الفارق الكبير يشير إلى التسيب في سوق العمل السعودي، وغياب الرقابة الفعالة على التوظيف، في وقت تتزايد فيه معاناة المواطنين من الإقصاء عن فرص العمل في بلادهم.
وسط هذه الأزمة الداخلية، يستمر تدفق الاستثمار السعودي في أمريكا، حيث أعلنت القيادة عن ضخ ما يقارب 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية لتعزيز الشراكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة، في علاقة مرتبطة مباشرة بولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في توفير نحو 2 مليون فرصة عمل للأمريكيين، بينما لا تزال وظائف المواطنين السعوديين تواجه التجميد والتأجيل داخل المملكة.
يرى العديد من السعوديين أن هذه السياسة تمثل نوعًا من التهجير الاقتصادي للمواطنين، حيث تُنفق الأموال العامة على إنعاش الاقتصادات الأجنبية في حين يُترك المواطن لمواجهة البطالة وتآكل قدرته الشرائية. ومع اتساع الفجوة بين أعداد العمالة الأجنبية في السعودية وغياب فرص العمل الحقيقية للسعوديين، تتحول الأزمة من خلل إداري إلى خطر اجتماعي واقتصادي حقيقي.
البيانات الأخيرة من التأمينات الاجتماعية السعودية لا تعكس فقط خللًا في التوظيف، بل تطرح أسئلة وجودية حول موقع المواطن السعودي في أولويات السياسات الاقتصادية. وفي ظل تفاقم أعداد الأجانب وتراجع تمكين الشباب السعودي، قد يكون الوطن في طريقه لتحول جذري تُختطف فيه سوق العمل، وتُصادر فيه العدالة الوظيفية لصالح قوى عاملة عابرة للحدود، وأموال عابرة للقارات.









