تشهد المنطقة المغاربية والعربية حدثاً تضامنياً بارزاً مع انطلاق “قافلة الصمود” من الجزائر مروراً بتونس وليبيا، متجهةً إلى معبر رفح الحدودي مع غزة، في محاولة رمزية لكسر الحصار الإسرائيلي وإيصال رسالة سياسية وإنسانية قوية للعالم. تضم القافلة آلاف النشطاء من جنسيات مغاربية وأوروبية، وتحظى بترحيب شعبي واسع في البلدان التي تمر بها، بينما تتعامل السلطات المصرية بحذر شديد مع احتمال السماح لها بالعبور.
وفي التقرير التالي نرصد المكاسب المتوقعة للاقتصاد المصري إذا تم فتح معبر رفح أمام قافلة الصمود.
يعاني الاقتصاد المصري من أزمات متراكمة أبرزها: انخفاض قيمة الجنيه المصري بشكل حاد خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين وارتفاع معدلات التضخم.
اعتماد متزايد على سياسة الاقتراض الخارجي، حيث تجاوز الدين الخارجي لمصر 165 مليار دولار بنهاية 2024.
تراجع إيرادات قناة السويس والسياحة نتيجة الحرب في غزة والهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، ما كلف الاقتصاد المصري ما بين 9.9 إلى 13.7 مليار دولار خلال عامي 2023-2025 حسب تقديرات الأمم المتحدة.
ارتفاع معدل البطالة من 7.8% إلى 8.7% في سيناريو متوسط، وقد يصل إلى 9.1% إذا استمرت الحرب، مع توقعات بتراجع مؤشر التنمية البشرية إلى مستويات 2018.

المكاسب الاقتصادية لمصر من السماح بعبور القافلة
- استعادة الدور الإقليمي وتعزيز القوة الناعمة
استقطاب الدعم الدولي والعربي: فتح معبر رفح أمام قافلة الصمود سيعزز صورة مصر كوسيط إنساني وسياسي، ويمكّنها من استعادة جزء من نفوذها الإقليمي، ما قد ينعكس إيجاباً على تدفقات المساعدات والمنح الدولية.
تخفيف الضغوط السياسية: السماح بالعبور سيقلل الانتقادات الدولية والعربية لمصر بشأن التواطؤ في حصار غزة، ويفتح الباب أمام شراكات مع منظمات إغاثية وإنسانية، ما قد يترجم إلى مشاريع مشتركة وتمويلات جديدة.
- فرص عمل مباشرة وغير مباشرة
خدمات لوجستية ونقل: عبور القافلة سيستدعي تشغيل شركات النقل المحلية، وتأمين الإقامة والخدمات للآلاف من المشاركين، ما يوفر فرص عمل مؤقتة في قطاعات النقل، الضيافة، الأمن، والخدمات اللوجستية.
تنشيط الاقتصاد المحلي في سيناء: توافد القوافل والمتضامنين سيخلق طلباً على السلع والخدمات في المدن الحدودية، ما يدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويوفر فرص عمل للسكان المحليين.
شراكات مع منظمات دولية: التنسيق مع منظمات الإغاثة قد يؤدي إلى توظيف مصريين في مشاريع المساعدات، الرعاية الصحية، الإمداد الغذائي، والإعلام.
- تحفيز الاستثمار في البنية التحتية
توسعة المعابر وتطوير الخدمات: استجابةً للضغط الدولي، قد تحصل مصر على تمويلات لتطوير معبر رفح والبنية التحتية المحيطة به، ما يوفر فرص عمل في قطاع البناء والخدمات المساندة.
إشراك القطاع الخاص: شركات الأمن، النقل، الإعاشة، والإمداد ستكون طرفاً أساسياً في إدارة تدفق القوافل والمساعدات، ما يزيد من فرص التشغيل والاستثمار.
- مكاسب اقتصادية غير مباشرة
تعويض جزئي لخسائر قناة السويس والسياحة: استعادة صورة مصر الإنسانية والسياسية قد يشجع على عودة بعض التدفقات السياحية والاستثمارية، خاصة من الدول الداعمة للقضية الفلسطينية.
تخفيف الضغوط على العملة المحلية: تدفق المساعدات والمنح بالعملات الأجنبية سيساعد في تعزيز الاحتياطي النقدي، ولو بشكل محدود، ويسهم في استقرار سعر الصرف.

تحليل المخاطر والفرص
المخاطر: تتخوف السلطات المصرية من تداعيات أمنية وسياسية محتملة، خاصة مع دخول أعداد كبيرة من النشطاء الأجانب، واحتمال استغلال الحدث سياسياً ضد الدولة.
الفرص: رغم المخاطر، فإن المكاسب الاقتصادية والسياسية من السماح بعبور القافلة قد تفوق المخاوف، خاصة في ظل حاجة مصر الماسة لأي دعم خارجي أو استثمارات جديدة، وتراجع الثقة الشعبية في السياسات الاقتصادية الحالية.
فرص العمل المتوقعة
القطاع نوع الفرص المتاحة تقدير مبدئي للفرص
النقل والخدمات اللوجستية سائقون، عمال تحميل، منسقو قوافل مئات الوظائف
الضيافة والإعاشة فنادق، مطاعم، خدمات الإقامة مئات الوظائف
الأمن والحماية شركات أمن خاصة، مراقبة الحدود عشرات الوظائف
الإعلام والتوثيق صحفيون، مصورون، منسقو إعلام عشرات الوظائف
الرعاية الصحية أطباء، ممرضون، مسعفون وظائف محدودة
خلاصة: نافذة اقتصادية وسياسية لمصر
في ظل التدهور الاقتصادي الحالي، يمثل السماح لقافلة الصمود بالعبور من رفح فرصة لمصر لتعزيز دورها الإقليمي، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين صورتها الدولية، واستقطاب الدعم المالي واللوجستي، ولو بشكل محدود. كما أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مزيد من المبادرات التضامنية، وتعيد بعض الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب الأزمات وتحويلها إلى فرص











