شهدت شركة بوينج الأمريكية واحدة من أصعب لحظاتها منذ سنوات، بعد تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية من طراز بوينج 787 دريملاينر، في أول حادث شامل لهذا الطراز منذ دخوله الخدمة عام 2011. الحادث الذي وقع بعد دقائق من إقلاع الطائرة من مطار أحمد آباد في الهند، وأسفر عن مقتل معظم ركابها البالغ عددهم 242 شخصاً، جاء في وقت حساس تحاول فيه بوينج استعادة ثقة الأسواق والعملاء بعد سلسلة أزمات متتالية.
خسائر مالية ضخمة… وسهم بوينج يهبط لأدنى مستوياته
عقب الإعلان عن الحادث، هبط سهم بوينج بنسبة 8% في تعاملات ما قبل افتتاح السوق الأمريكية، ليستقر عند حوالي 197-200 دولار، مقارنة بإغلاق اليوم السابق عند 214 دولاراً. هذا التراجع الحاد يمثل أكبر خسارة يومية للسهم منذ أشهر، ويعكس مخاوف المستثمرين من تداعيات الحادث على مستقبل الشركة وسمعتها في قطاع الطيران التجاري.
القيمة السوقية لبوينج تراجعت إلى نحو 161.36 مليار دولار، وسط توقعات بمزيد من الضغوط إذا ما تواصلت التحقيقات وكشفت عن وجود مشكلات تقنية أو تصنيعية في الطراز دريملاينر.
أزمة متواصلة: خسائر سنوية قياسية وتحديات تشغيلية
لم يكن الحادث الهندي سوى حلقة جديدة في سلسلة أزمات مالية تعصف ببوينج منذ سنوات. فقد أعلنت الشركة عن خسائر صافية بلغت 11.82 مليار دولار خلال عام 2024، وهي أكبر خسارة سنوية منذ 2020، وجاءت نتيجة مشكلات في جودة الإنتاج، إضرابات عمالية طويلة، وتداعيات مستمرة من أزمة طائرات 737 ماكس.

تراجعت إيرادات بوينج السنوية بنسبة 14% لتصل إلى 66.52 مليار دولار، فيما تجاوز إجمالي خسائرها منذ 2019 حاجز 35 مليار دولار، ما يضعها تحت ضغط هائل لإعادة الهيكلة وتحسين الكفاءة التشغيلية.
تداعيات الحادث: ثقة الأسواق على المحك ومخاوف من مراجعة العقود
رغم سجل السلامة الممتاز لطراز 787 دريملاينر، أثار الحادث الأخير مخاوف المستثمرين من تأثيرات محتملة على الطلب المستقبلي، خصوصاً في الأسواق الآسيوية التي تمثل محوراً رئيسياً لنمو الشركة. ويرى محللون أن الحادث قد يؤدي إلى مراجعة بعض العقود المستقبلية مع بوينج، إضافة إلى احتمالات فرض رقابة تنظيمية مشددة على طائراتها من قبل الهيئات الدولية.
بوينج بين الأزمات والتعافي
على الرغم من هذه التحديات، لا تزال بوينج تحتفظ بزخم في الطلبيات الجديدة، إذ تجاوزت الطلبات غير المنفذة 6000 طائرة، مع توقعات بزيادة الإنتاج في طرازي 737 ماكس و787 دريملاينر خلال 2025. وقد ساهمت عمليات إصدار الأسهم وجمع السيولة في دعم السهم نسبياً منذ بداية العام، لكن الحادث الأخير يهدد بإعادة الشركة إلى دائرة الشكوك.
خلاصة
حادث تحطم طائرة بوينج 787 دريملاينر الهندية يمثل نقطة تحول خطيرة في مسار الشركة، ليس فقط على صعيد السلامة بل أيضاً في ثقة الأسواق والمستثمرين. ومع خسائر سنوية ضخمة وضغوط تشغيلية متواصلة، تجد بوينج نفسها أمام اختبار حقيقي لاستعادة مكانتها العالمية وإقناع العالم بقدرتها على تجاوز الأزمات.











