تشهد أسواق الغاز الطبيعي في أوروبا تقلبات حادة مع بداية موجة حر غير معتادة تضرب القارة، حيث ارتفعت العقود المستقبلية القياسية للغاز بنحو 2.2% يوم الأربعاء، منهية سلسلة تراجعات استمرت ثلاثة أيام. ويأتي هذا الارتفاع في ظل توقعات بأن تستمر درجات الحرارة أعلى من المعدلات الموسمية خلال الأسبوعين المقبلين، بحسب بيانات شركة “Atmospheric G2”.
تزايد الطلب على التبريد يغيّر معادلة السوق
تشير التوقعات إلى أن الطلب على الغاز لأغراض التبريد قد يسجل أعلى مستوياته منذ يوليو 2022، مع تجاوز درجات الحرارة في لندن عتبة 30 درجة مئوية، ما يضعها ضمن نطاق موجات الحر. هذا التحول في نمط الطلب من التدفئة إلى التبريد يعيد رسم خريطة استهلاك الغاز في القارة، خاصة مع اقتراب ذروة حرارة الصيف.
تأثير موجة الحر على الأسعار والإمدادات
رغم أن بعض التقارير أشارت إلى انخفاض أسعار الغاز في أوروبا خلال تعاملات الثلاثاء الماضي بسبب تراجع الطلب على التدفئة واستقرار المعروض، إلا أن موجة الحر الحالية قلبت المعادلة، ودفعت الأسعار للارتفاع مجدداً مع زيادة استهلاك الكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف. وتتنافس أوروبا مع آسيا على شحنات الغاز الطبيعي المسال الضرورية لملء المخزونات قبل الشتاء، ما يزيد من الضغوط على السوق العالمية ويهدد بتعقيد مهمة تأمين الإمدادات.
عوامل أخرى تضغط على السوق الأوروبية
منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، دخلت أوروبا في إعادة هيكلة شاملة لخريطة أمن الطاقة، مع تقليص الاعتماد على الغاز الروسي الذي كان يشكل نحو 40% من واردات الاتحاد الأوروبي. وفي ظل العقوبات الأوروبية على موسكو وتوقف الإمدادات الروسية عبر معظم الأنابيب، برزت النرويج كبديل استراتيجي، لكنها واجهت مؤخراً بعض التحديات المرتبطة بالصيانة الدورية للحقول، ما أثر على حجم المعروض.
توقعات مستقبلية: استمرار التقلبات وصيف ساخن
بحسب محللين، من المتوقع أن تبقى أسعار الغاز الأوروبية متقلبة خلال الصيف مع استمرار موجات الحر وتزايد الطلب على التبريد، في حين أن أي اضطرابات إضافية في الإمدادات العالمية أو منافسة قوية من آسيا قد تدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع. وتقدر بعض التوقعات أن تستقر أسعار الغاز الأوروبية عند نحو 35 يورو لكل ميغاواط/ساعة حتى نهاية العام، في ظل مرونة أهداف التخزين وتباطؤ واردات الصين.
ختاماً
تواجه أوروبا صيفاً ساخناً على أكثر من صعيد، إذ تضع موجة الحر غير المسبوقة أسواق الطاقة أمام اختبار جديد. وبينما تسعى الحكومات والشركات لتعزيز المخزونات وضمان استقرار الإمدادات، تبقى الأسعار رهينة لتقلبات الطقس والتطورات الجيوسياسية، ما يفرض على المستهلكين والمستثمرين ترقباً حذراً لما ستسفر عنه الأسابيع المقبلة.





