كشفت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين، أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي اتخذ إجراءات أمنية مشددة خلال الأيام الأخيرة، في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين إيران وإسرائيل، شملت قطع جميع اتصالاته الإلكترونية، واعتماده في التواصل على وسيط موثوق فقط، وذلك تحسبا لأي محاولة اغتيال أو استهداف مباشر.
وأوضحت المصادر أن خامنئي استقر في مخبأ تحت الأرض، في خطوة تعكس مدى خطورة الوضع الأمني في أعلى هرم السلطة.
تحديد بدائل ومراجعة هرم القيادة
وأكدت الصحيفة أن خامنئي لم يكتف بتعيين بدلاء للقادة العسكريين والأمنيين الذين قتلوا مؤخرا في الغارات الإسرائيلية، بل قام أيضا بتسمية ثلاثة من كبار رجال الدين كمرشحين محتملين لخلافته، تحسبا لأي طارئ يؤدي إلى إبعاده عن الساحة أو وفاته.
المادة 111 من الدستور الإيراني تفتح الباب لقيادة ثلاثية مؤقتة في حال غياب القائد
في ظل تصاعد النقاشات الداخلية بشأن مستقبل القيادة في إيران، عاد الحديث مجددا إلى المادة 111 من الدستور الإيراني، التي تنظم آلية ملء فراغ منصب المرشد الأعلى في حال وفاته أو استقالته أو إقالته.
وتنص المادة على أنه “في حالة وفاة القائد أو استقالته أو إقالته، يطلب من مجلس خبراء القيادة اتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت ممكن لتعيين قائد جديد وتنصيبه”. غير أن المثير للانتباه، وفقا لخبراء قانونيين ومتابعين للشأن الإيراني، أن المادة لا تحدد مدة زمنية قصوى لإنهاء هذا الإجراء، مما يترك الباب مفتوحا أمام فراغ طويل في المنصب الأعلى للنظام.
قيادة مؤقتة ثلاثية
إلى حين تعيين قائد جديد، يتولى مجلس ثلاثي مؤقت مهام القيادة، ويتكون من:
رئيس الجمهورية
رئيس السلطة القضائية
أحد فقهاء مجلس صيانة الدستور، يتم اختياره من قبل مجمع تشخيص مصلحة النظام
ورغم أن الدستور لا يسمي هذا الكيان “مجلس القيادة”، إلا أنه يمنحه فعليا صلاحيات المرشد بشكل مؤقت، دون تحديد جدول زمني لإنهاء ولايته.
غياب سقف زمني.. ونقطة ضعف دستورية
بحسب الدستور، يشترط أن يحصل المرشح لخلافة المرشد على أغلبية ثلثي الحاضرين في مجلس الخبراء. لكن في حال فشل المجلس في التوافق، يمكن نظريا أن يبقى المجلس الثلاثي المؤقت في موقع القيادة لفترة غير محدودة، وهو ما يعد ثغرة قانونية حساسة في بنية النظام.
نحو تعديل دستوري؟
تشير بعض التقديرات إلى أنه في ظل حالة عدم التوافق، يمكن للمجلس الثلاثي المؤقت، وبموافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، الدعوة إلى استفتاء شعبي لمراجعة المبادئ الدستورية، بما في ذلك ما يتعلق بصلاحيات أو طبيعة منصب القائد.
ورغم أن صلاحيات المجلس الثلاثي في الظروف العادية تبقى محدودة، مثل إصدار مرسوم استفتاء، فإن التوافق بينه وبين مجمع تشخيص مصلحة النظام قد يفتح الباب أمام إحياء صريح لفكرة “مجلس القيادة”، وهو النموذج الذي كان مطروحا بديلا عن القائد الفردي في بدايات الثورة.
ووصفت الصحيفة هذا الإجراء بأنه خطوة نادرة، تعكس قلقا داخليا من احتمال حدوث فراغ في القيادة العليا للنظام إذا تصاعدت الأزمة أو تعرض المرشد لهجوم مباشر.
لجنة “سرية” ومداولات داخل مجلس الخبراء
في هذا السياق، صرح أبو الحسن مهدوي، إمام صلاة الجمعة المؤقت في أصفهان، في خطبة ألقاها بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بأن لجنة سرية داخل مجلس خبراء القيادة قامت بتحديد وإعطاء الأولوية لثلاثة مرشحين لخلافة خامنئي.

ورغم أن مهدوي لم يكشف عن الأسماء، فإن وسائل إعلام إيرانية وأخرى دولية تداولت أسماء شخصيات دينية بارزة، من بينها:
محمد مهدي مير باقري، رجل دين مؤثر وعضو في مجلس خبراء القيادة منذ 2015، ويعتبر من أبرز “منظري الثورة الإسلامية” في الجناح المحافظ المتشدد.
ويعتبر محمد مهدي مير باقري رجل دين مؤثر وعضو في مجلس خبراء القيادة منذ 2015، ويعتبر من أبرز “منظري الثورة الإسلامية” في الجناح المحافظ المتشدد.
يشغل منصب رئيس مركز تهيئة موسوعة العلوم الإسلامية في مدينة قم، وهو منصب يعطيه نفوذا كبيرا في الأوساط الدينية والفكرية.
علي رضا عرفي، نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، وعضو مجلس صيانة الدستور، ومعروف بعلاقته الوثيقة بخامنئي منذ تعيينه ممثلا في مجلس الخبراء عام 2017.

ويعتبر علي رضا أعرافي، البالغ من العمر 67 عاما، أحد أبرز المرشحين المحتملين لخلافة خامنئي، ويشغل منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة وهو عضو في مجلس صيانة الدستور بتعيين من المرشد علي خامنئي منذ عام 2019.
يتولى أعرافي إمامة الجمعة في قم، أهم مدينة دينية في إيران بعد مشهد، ويدير الجلسة التي تعقد أيام الأربعاء من كل شهر في مكتب خامنئي بحضور القائد للحديث حول القضايا الشرعية والتحديات الفقهية.
وقد تم تعيينه كمدير للحوزات العلمية على مستوى إيران منذ ثماني سنوات، وهو منصب من أعلى المناصب في سلسلة الرتب الشيعية في إيران.
هاشم حسيني بوشهري – النائب الأول
يعد السيد هاشم حسيني بوشهري، المولود عام 1956، النائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة منذ 20 مايو 2024، وهو ممثل محافظة بوشهر في مجلس خبراء القيادة والإمام المؤقت لصلاة الجمعة في قم.

يعتبر بوشهري من العلماء البارزين في حوزة قم المقدسة، وقد تلمذ على أيدي كبار الأساتذة أمثال آية الله مكارم الشيرازي وآية الله وحيد الخراساني.
ويلعب دورا مهما في توجيه الرأي العام ونقل رسائل دينية وسياسية إلى المجتمع الإيراني.
محمد مهدي مير باقري – المنظر المحافظ
مرشحين محتملين أخرين:
ومن المرشحين الذين يعتبرون مفاجأة، حسن روحاني الرئيس الإيراني السابق المعروف بميوله الإصلاحية، لكن هذه الميول قد تشكل عائقا أمامه في نظام يهيمن عليه المحافظون.
ولكن قد تؤي نتائج الحرب إلى خدمة وصول روحاني إلى مقنصب المرشد الأعلى في إيران، مع تحرات الرئيس الإيراني الأسبق لدى المراجع الدينيية في قم وإيران من أجل وقف الحرب وتقديم تنازلات نووية وأيضا قبوله في الشارع الإيراني، بما يشكل “اختيار الضرورة”.

ومن المرشحين الآخرين صادق عاملي لاريجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام حاليا والرئيس السابق للسلطة القضائية، يعتبر من الشخصيات المؤثرة في النظام الإيراني.
وهناك حسن الخميني حفيد وكبير عائلة الخميني، وهو مقرب من الإصلاحيين وقد يكون مقبولا لدى الحرس الثوري والمحافظين.
وأيا هناك علي الخميني، حفيد الخميني والمقرب من خامنئي، وهو حاليا أحد مدرسي الحوزة العلمية لمدينة النجف.

نجل المرشد خارج القائمة
ورغم التكهنات الدائمة، كشفت مصادر خاصة لـ المنشر الاخباري أن مجتبی خامنئي، نجل المرشد الإيراني، ليس ضمن قائمة المرشحين للخلافة، ما يعزز الرواية القائلة بأن المرشد يفضل نقل القيادة إلى شخصية دينية تحظى بشرعية فقهية ومؤسساتية داخل النظام، بدلا من خيار توريث السلطة.