بعد مرور أسبوع على بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، ظهرت لأول مرة داخل إيران همسات تتحدث عن “محاولة” لـ”استسلام وتسوية”، حيث ذكرت وكالة أنباء تسنيم، التابعة للحرس الثوري الإيراني، في تقرير إخباري مختصر: “حاولت جهات سيئة السمعة استدراج عدد من علماء قم إلى الواجهة، والمطالبة بنوع من الاستسلام والتسوية”.
ردا على ذلك، حذر محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، في برنامج إخباري للحرس الثوري قائلا: “أولئك الذين يتحدثون عن وقف إطلاق النار نسوا أن أي وقف لإطلاق النار يطبق الآن سيؤدي إلى تجدد الحرب. يجب ألا نسمح للعدو، الذي هو في وضع ضعيف حاليا، بأن ينعش نفسه بوقف إطلاق النار”.
يذكر أن انقطاع الإنترنت الدولي وغياب حرية الوصول إلى الأخبار، بالإضافة إلى أجواء الحرب داخل إيران، حدت من وصول هذه الأخبار للجمهور بشكل واسع. ومع ذلك، أفادت تقارير موقع “إيران واير” بأن رجال الدين الشيعة التقليديين لم يظهروا دعما قويا لمواقف الجمهورية الإسلامية في هذه الحرب حتى نهاية الأسبوع الأول.
تحركات حسن روحاني لتغيير النهج من قم
لم تذكر وكالة تسنيم أو تصريحات محسن رضائي أسماء الأشخاص الذين يدعون إلى “الاستسلام والتنازل”، إلا أن تقارير من قم أشارت إلى أن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني تواجد في مكاتب عدد من القادة الدينيين، داعيا إياهم للضغط على المرشد علي خامنئي لتعديل مواقفه.
خلال الأيام من الرابع إلى السادس للحرب، زار روحاني بعض الزعماء الدينيين الشيعة في قم أو تواصل معهم هاتفيا، مطالبا بإنقاذ “النظام الإسلامي” من الانهيار عبر دعم مقترحات الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبحسب “إيران واير”، تواصل روحاني مع مرجعيات دينية بارزة مثل موسى شبير زنجاني، حسين وحيد خراساني، وناصر مكارم شيرازي، داعيا إياهم للضغط على النظام لقبول وقف التخصيب والتنازلات مع الغرب، حفاظا على استمرار الحكومة والمؤسسة الدينية.
حتى الآن، لم تصدر هذه المرجعيات أي رد رسمي واكتفت بالصمت، مما يثير تساؤلات حول موقفها الحقيقي وقدرتها على التأثير.
ضعف اعتراض السلطات الدينية
مع نهاية اليوم الثامن من الهجوم الإسرائيلي، كانت أبرز مواقف رجال الدين الرافضة للهجوم من خارج إيران، خصوصا من المرجع الأعلى العراقي علي السيستاني الذي أصدر بيانين يدين فيهما الهجوم ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل.
أما داخل إيران، فغابت المواقف الرسمية من الحوزات العلمية في المدن الكبرى مثل مشهد وأصفهان، واكتفت بعض الحوزات النسائية بإصدار بيانات إدانة.
المرشد الأعلى خامنئي لم يعلن الحرب رسميا حتى الآن، وبدى أن المراجع الدينية وعلماء قم التزموا الصمت، ربما احتراما له، أو خوفا من التورط في صراعات داخلية.
وبالتالي، لم تصدر دعوات واضحة للمقاومة أو المواجهة، وتركزت تصريحات المؤسسة الدينية على إدانة الهجوم وطلب تدخل دولي لوقف الحرب وحماية حياة المرشد.
وتظهر التطورات خلال الأسبوع الأول من الهجوم الإسرائيلي على إيران وجود خلافات داخل المؤسسة الدينية والسياسية حول الاستراتيجية الملائمة، مع وجود أصوات تدعو للتسوية مقابل أخرى ترفض وقف النار.
غياب المواقف الرسمية من المرجعيات الدينية الكبرى وصمت القيادة السياسية يشير إلى حالة من التردد والقلق حيال مستقبل الصراع.
في الوقت نفسه، فإن تجربة فتاوى سابقة لمرجعيات مثل علي السيستاني عام 2014، والتي أفضت إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي لمقاومة داعش، توضح كيف يمكن للفتاوى الدينية أن تؤثر على مجريات الأمور، إلا أن الظروف الراهنة تبدو غير مؤاتية لإصدار مثل هذه الفتاوى أو جعلها فعالة في ظل الهجوم الإسرائيلي المستمر.