هل يمكن مقاضاة إسرائيل دوليا بعد هجماتها على إيران؟
في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على إيران يوم 12 يونيو/حزيران، التي شملت استهداف هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، طرحت تساؤلات قانونية حول مدى مشروعية هذه العمليات، وإمكانية ملاحقة إسرائيل قضائيا على الساحة الدولية. رغم تبرير تل أبيب لهذه الضربات بأنها “استباقية”، يعتبرها خبراء القانون الدولي انتهاكا صريحا لقواعد استخدام القوة المعتمدة في ميثاق الأمم المتحدة.
الهجوم الاستباقي: هل هو قانوني؟
يشير القانون الدولي إلى أن الضربات الاستباقية لا تعتبر شرعية إلا إذا كان هناك تهديد وشيك لا يمكن تفاديه. وفي هذا السياق، يؤكد جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى الأمم المتحدة، أن أجهزة الاستخبارات الغربية، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لم تؤكد وجود مشروع نووي عسكري إيراني نشط، ما يجعل مبررات إسرائيل قانونيا ضعيفة.
سعيد دهقان: لا مشروعية للضربات دون إثبات مباشر
يرى سعيد دهقان، المحامي الدولي وعضو نقابة المحامين الدولية، أن استهداف منشأة إعلامية مدنية مثل هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية يعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي، إلا في حال تمكنت إسرائيل من تقديم أدلة دامغة على استخدام المبنى لأغراض عسكرية أو سيبرانية مباشرة ضدها، وهو أمر من غير المرجح إثباته، بحسب قوله.
وأكد دهقان أن الهجوم يمكن تصنيفه كعمل عدائي ضد حرية التعبير والبنية التحتية المدنية، مضيفا:”إذا لم تستطع إسرائيل إثبات أن المبنى كان يحتوي على قوات أو معدات عسكرية، فإن ما قامت به يعد جريمة دولية يمكن مقاضاتها عليها أمام المحاكم الدولية”.
إمكانية المقاضاة في المحاكم الدولية
رغم وجود الأسس القانونية، يشكك دهقان في فاعلية اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بعض الحكومات الغربية مع القضايا المتعلقة بإسرائيل، حيث تجاهلت دول كبرى مذكرة التوقيف الصادرة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نوفمبر 2024.
وحذر من أن تكرار هذه المعايير المزدوجة قد يقوض مصداقية المحكمة الجنائية الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذه المؤسسات تفقد تدريجيا قدرتها على الردع والمحاسبة.
التحدي القانوني لإيران
وأشار دهقان إلى أن سجل إيران في مجال حقوق الإنسان يضعف من موقفها في المحافل الدولية، وخاصة في ما يتعلق بمحاولتها تقديم شكاوى أمام هيئات تعتبرها “غير محايدة” تجاه طهران. وقال:”عندما تكون الجهة المشتكية نفسها مدانة بانتهاكات مثبتة، يصبح من الصعب جدا تحقيق نتائج قانونية فعالة، حتى وإن كانت شكواها في الأصل قائمة على أسس قانونية”.










