بعد الضربة العسكرية الأمريكية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “طهران يجب أن تتوصل الآن إلى السلام، أو تتوقع المزيد من الهجمات”، معتبرا أن الهدف هو تدمير قدرة إيران النووية وإنهاء التهديد الذي تشكله. إلا أن تحليلات عدد من الخبراء والمراقبين تشير إلى أن عواقب هذه الضربات قد تكون أكثر تعقيدا وخطورة مما تبدو.
تحذيرات من دفع إيران نحو الأسلحة النووية
في بيان أصدرته جمعية مراقبة الأسلحة الأمريكية، وهي منظمة غير حزبية متخصصة، أعربت عن قلقها من أن “العمل العسكري على المدى الطويل قد يدفع إيران إلى الاعتقاد بأن الطريقة الوحيدة للردع هي الحصول على أسلحة نووية”، مستندة إلى وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة لا تثق في الدبلوماسية مع طهران.
هذا التحذير يتماشى مع تقييم آرون ديفيد ميلر، المفاوض الأمريكي المخضرم في شؤون الشرق الأوسط، الذي قال إن “القدرة العسكرية الإيرانية قد ضعفت بشدة، لكنها تملك العديد من الأساليب غير المتكافئة للرد”، مضيفا أن “الصراع لن ينتهي في أي وقت قريب”.
توقعات بردود فعل متنوعة
يرى إريك لوب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فلوريدا الدولية، أن إيران قد تلجأ إلى استهداف “أهداف ناعمة” أمريكية أو إسرائيلية في الداخل الإقليمي أو خارجه، مع احتمال أن تعود إلى طاولة المفاوضات، لكن في “موقف أضعف بكثير” مما سبق.
كذلك، كتب كريم سجادبور، المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، على موقع إكس-نت أن “ترامب أعلن أن وقت السلام قد حان، لكن من غير المرجح أن تشاركه إيران هذا الرأي”، متوقعا أن “يفتح الهجوم فصلا جديدا في الحرب الإيرانية-الأمريكية المستمرة منذ 46 عاما، وليس نهايتها”.
تحذيرات من توسيع الأهداف
وحذرت لارا بلومنفيلد، المحللة في مركز جونز هوبكنز للدراسات المتقدمة، من خطورة توسيع أهداف الهجوم ليشمل “تغيير النظام والديمقراطية”، واصفة هذه المشاريع بأنها “دفنت عظامها الفاشلة تحت رمال الشرق الأوسط”.
كما حذر جوناثان بانيكوف، نائب رئيس الاستخبارات الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط، من احتمال لجوء إيران إلى “هجمات غير متناسبة” إذا شعرت بتهديد وجودي حقيقي.
ردود فعل سياسية داخل الولايات المتحدة
على الجانب الآخر، أبدى عدد كبير من الجمهوريين، من بينهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون، دعمهم الكامل لقرار ترامب باستهداف المنشآت النووية الإيرانية، معتبرين أنه “خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي”.
بينما يؤكد البيت الأبيض على نجاح العملية العسكرية وأهميتها في كبح طموحات إيران النووية، يرى العديد من المحللين أن هذا التصعيد قد يعقد المشهد الأمني في الشرق الأوسط ويزيد من احتمالات مواجهة طويلة الأمد وتطورات غير متوقعة.
ويبقى السؤال مفتوحا حول قدرة الدبلوماسية على إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وسط توترات متزايدة وخيارات عسكرية وسياسية محدودة.










