في صباح يوم الأحد، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استهداف ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية في فوردو ونطنز وأصفهان، ما مثل تصعيدا غير مسبوق في التوتر بين طهران وواشنطن. لكن هذه الضربات لم تكن بداية التصعيد، بل جاءت في أعقاب حملة عسكرية إسرائيلية منسقة ومكثفة استهدفت البنية التحتية الدفاعية والعسكرية لإيران خلال الأيام العشرة السابقة.
تشير المعطيات إلى أن هذه الضربات الإسرائيلية لم تكن معزولة أو رد فعل لحظي، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف قدرة إيران على الردع والرد، تمهيدا للهجوم الأمريكي الذي أعقبها. هذا التقرير يحلل الأهمية العسكرية لتلك القواعد التي استهدفت، ودلالات الهجوم، وتأثيراته على قدرات إيران الدفاعية.
سياق الضربات الإسرائيلية: من الردع إلى التمهيد
في 13 يونيو/حزيران، شن سلاح الجو الإسرائيلي، باستخدام طائرات مقاتلة ومسيرات هجومية، سلسلة غارات متعددة المراحل استهدفت منشآت عسكرية في طهران، غرب إيران، وشمالها الغربي. وشملت الهجمات مواقع استراتيجية تابعة للحرس الثوري، سلاح الجو، وقوات الصواريخ.
وبحسب مركز “جينسا” الأميركي للأبحاث الأمنية، لم تهدف هذه الضربات إلى تحييد تهديد فوري فحسب، بل جاءت ضمن خطة تدريجية لتعطيل البنية العسكرية لإيران، وشل قدراتها الدفاعية، لا سيما أن الضربات الأمريكية كانت قيد التحضير.
المنشآت المستهدفة والأسباب الاستراتيجية وراء اختيارها
قاعدة مهرآباد (طهران):
من أقدم القواعد الجوية الإيرانية ومركز لوجستي رئيسي للقوات الجوية. استهدفت لتعطيل قدرات الطيران ونقل الذخائر والطائرات، خاصة بعد تقارير عن تخزين صواريخ فيها.
قاعدة تبريز (شهيد مدني):
تضم طائرات MiG-29 وF-5 ومنظومات رادار قرب الحدود مع أذربيجان وتركيا. الضربة أحدثت فجوة في الدفاع الجوي الإيراني بشمال غرب البلاد.
منشأة الصواريخ تحت الأرض (كرمانشاه):
مركز لصواريخ “قيام” و”فاتح”، ويمثل ركيزة للردع الإيراني. الضربات استهدفت المداخل ومستودعات الإطلاق.
قاعدة بيرانشهر (قرب الحدود العراقية):
مقر للواء المشاة 164، له دور في حماية الحدود الغربية. الضربة هدفت لتعطيل السيطرة على المناطق الحدودية.
ثكنات الحرس الثوري في سردشت:
تقع في إقليم كردستان، وتعد مركزا لمكافحة التهديدات الداخلية والخارجية. تعرضها للهجوم أضعف قدرة طهران على احتواء الاضطرابات في المناطق الكردية.
قاعدة بيدغانة الصاروخية:
موقع رمزي واستراتيجي، تخزن فيه صواريخ باليستية بعيدة المدى. سبق أن شهد انفجارا في 2011 قتل فيه مؤسس البرنامج الصاروخي الإيراني. استهدافها مثل ضربة مباشرة للردع الصاروخي الإيراني.
مستودعات ذخيرة الفرقة 216 (زنجان):
مركز دعم لوجستي حيوي في الشمال الغربي. تدميره أثر على قدرة المناورة البرية والاحتياطيات العسكرية.
انعكاسات الضربات الإسرائيلية على الجاهزية الدفاعية الإيرانية
أحدثت هذه الضربات خللا واضحا في سلاسل القيادة والسيطرة، والاستجابة السريعة، والدفاع الجوي. التقارير تشير إلى:
تراجع قدرة إيران على إطلاق الصواريخ الباليستية نتيجة استهداف منشآت الإطلاق والتخزين.
شلل جزئي في سلاح الجو الإيراني مع تضرر مراكز الصيانة والطائرات في مهرآباد وتبريز.
ضعف في السيطرة على المناطق الحدودية الغربية، ما أثار المخاوف من اختراقات عبر العراق أو كردستان.
اضطرار إيران إلى تغيير نشر القوات وتشكيلات الدفاع الجوي، ما يدل على خلل عملياتي.
تكلفة إعادة البناء: زمن وأموال لا تملكها إيران
الضربات لم تحدث أضرارا مادية فحسب، بل وجهت ضربة نفسية واستراتيجية لإيران:
إعادة بناء المنشآت قد يستغرق سنوات.
تكاليف باهظة في ظل العقوبات والانكماش الاقتصادي.
تحويل الموارد من قطاعات حيوية لإعادة تأهيل البنية الدفاعية.
إضعاف قدرة الردع في وقت تزداد فيه التهديدات.
خلاصة: حرب الظل تتحول إلى مواجهة مفتوحة
استهدفت إسرائيل خلال عشرة أيام عشرات المواقع العسكرية الحيوية لإيران في تمهيد واضح لضربات أمريكية أكبر. ومع إعلان ترامب تدمير البرنامج النووي الإيراني، يتضح أن الحملة الإسرائيلية كانت جزءا من تصعيد منسق بين الحليفين.
ما بدأ كضربات محدودة يتطور الآن إلى استراتيجية كسر العمق الإيراني عسكريا واقتصاديا. فهل تملك طهران القدرة على الرد، أم أن خياراتها باتت أكثر تقييدا من أي وقت مضى؟










