في تصعيد هو الأخطر منذ اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل، وافق البرلمان الإيراني، يوم الأحد 22 يونيو 2025، على مقترح يقضي بإغلاق مضيق هرمز، في خطوة وصفت بأنها رد رمزي قوي على الضربات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة.
ورغم أن القرار لا يزال بحاجة إلى مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي ليصبح نافذا، فإن مجرد طرحه على الطاولة يثير قلقا إقليميا ودوليا واسعا.
مضيق هرمز: شريان الطاقة العالمي
يعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تمر عبره نحو 20% من تجارة النفط العالمية وقرابة ثلث تجارة الغاز الطبيعي المسال. ووفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، مر عبر المضيق نحو 20.3 مليون برميل نفط يوميا في عام 2024.
هذا الممر البحري الضيق، الذي يبلغ عرضه 33 كيلومترا، لا تزيد ممرات الملاحة فيه على 3 كيلومترات في كل اتجاه، ما يجعله نقطة اختناق استراتيجية لا تحتمل الاضطراب.
الخليج أمام معادلة معقدة
دول الخليج – وفي مقدمتها السعودية، الإمارات، قطر، الكويت والبحرين – تجد نفسها في موقف بالغ الحساسية. فمع أن هذه الدول تدعو رسميا إلى التهدئة وعدم التصعيد، فإن إغلاق المضيق سيهدد مباشرة مصالحها الاقتصادية وأمنها الطاقي، حيث تمر غالبية صادراتها النفطية والغازية عبره.
على سبيل المثال، تصدر قطر أكثر من 77 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال عبر مضيق هرمز، فيما تعتمد السعودية بشكل أساسي على هذا المسار لتصدير ما يصل إلى 5.5 مليون برميل يوميا من النفط.
الموقف الأميركي وتحذيرات الحلفاء
حذر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، من أن محاولة إيران إغلاق المضيق ستكون بمثابة “انتحار اقتصادي”، ودعا بكين إلى الضغط على طهران لوقف أي تحرك يهدد الملاحة الدولية.
وفي السياق ذاته، أعلن الأسطول الأمريكي الخامس، المتمركز في البحرين، تعزيز وجوده في المنطقة، مؤكدا استمرار العمل مع الحلفاء لضمان حرية الملاحة. كما شددت شركة “ميرسك” العملاقة على أنها تراقب الوضع عن كثب مع استمرار عبور سفنها في المضيق حتى اللحظة.
الخليج: بين الحياد والانخراط
أشار الخبير العسكري السعودي، اللواء عبد الله غانم القحطاني، إلى أن دول الخليج تتبنى سياسة “الحياد الإيجابي”، مؤكدا أن “لا مصلحة لدول المجلس في التورط بصراع جديد”، رغم تأهبها لمواجهة مختلف السيناريوهات.
ومع ذلك، فإن التهديد الإيراني المباشر بإغلاق المضيق قد يدفع هذه الدول إلى إعادة النظر في موقفها، خاصة إذا بدأت مصالحها الاقتصادية تتعرض لخطر فعلي.
ثلاثة سيناريوهات أمام دول الخليج
الحياد الحذر:
تواصل دول الخليج تبني سياسة متوازنة تدعو إلى التهدئة وتجنب الانحياز، مع الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وتفادي التصعيد مع إيران.
التصعيد المحدود:
في حال مضت طهران فعليا نحو إغلاق جزئي أو كامل للمضيق، فقد تجد الدول الخليجية نفسها مضطرة لاتخاذ موقف حازم، ربما عبر دعم عسكري لوجستي أو دبلوماسي للجهود الأميركية والدولية لردع إيران.
الانخراط في مواجهة شاملة:
إذا انزلقت الأوضاع نحو حرب إقليمية شاملة، يصبح من الصعب على دول الخليج الاحتفاظ بموقع الحياد، خاصة في ظل الوجود الأمريكي الكثيف على أراضيها، ما قد يجبرها على الاصطفاف إلى جانب واشنطن وحلفائها.










