في أول تعليق رسمي موسع من الجيش الأمريكي على الهجمات الأخيرة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال دان كاين، أن الولايات المتحدة نفذت واحدة من “أنجح وأدق” العمليات العسكرية في تاريخ استهداف المواقع المحصنة، واصفا ما تحقق بأنه “إنجاز تاريخي”.
وأوضح كاين، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، أن العملية التي أطلق عليها اسم “مطرقة منتصف الليل” جاءت بعد أكثر من 15 عاما من المراقبة الدقيقة والدراسة الاستخباراتية لمنشأة فوردو النووية الواقعة تحت الأرض، والتي تعتبر من أكثر المواقع تحصينا في البنية التحتية النووية الإيرانية.
الضربة على فوردو: نجاح تحت الأرض
قال كاين إن القنابل الخارقة للتحصينات التي ألقتها قاذفات B-2 الأمريكية على منشأة فوردو “نجحت في تدمير الأهداف بدقة”، مشيرا إلى أن تدمير مداخل القنوات تحت الأرض كان الخطوة الأساسية لاختراق الموقع.
وأضاف: “إذا أردتم معرفة ما حدث في فوردو، فاحملوا مجرفة واحفروا، لأن كل ما جرى كان تحت الأرض. الغطاء الخرساني الذي كان يغطي المداخل تم تدميره بالقنبلة الأولى، ثم اخترقت القنابل التالية عمق المنشأة”.
وتابع أن القنبلة السادسة كانت مخصصة لتعويض أي فشل محتمل في القنابل الخمس الأولى، ما يشير إلى دقة تخطيط العملية وإدراك واشنطن لطبيعة الأهداف المستهدفة.
الاستخبارات تؤكد الدمار الكامل
وأشار كاين إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) أكدت أن الضربة أصابت أهدافها، موضحا: “الوكالة لديها مصادرها الخاصة وتاريخها يظهر دقة معلوماتها. ووفق تقييماتها، لم ينقل أي يورانيوم من المنشأة قبل الهجوم”.
وعندما سئل عما إذا كانت إيران لا تزال قادرة على استئناف برنامجها النووي، رد بأن “طهران بحاجة إلى خطاب داخلي يحفظ ماء الوجه، لكنها تعلم جيدا حجم الضرر الذي لحق بها. ونحن سنواصل مراقبتها عن كثب”.
هجوم مقابل على قاعدة العديد
في سياق متصل، كشف كاين أن 44 جنديا أمريكيا كانوا في قاعدة العديد الجوية بقطر أثناء تعرضها لهجوم صاروخي من جانب إيران ردا على الضربات الأمريكية. لكنه لم يشر إلى سقوط ضحايا أو أضرار جسيمة.
البي-2: أداة حسم
قال كاين إن اختيار قاذفات B-2 الاستراتيجية لتنفيذ الضربة لم يكن اعتباطيا، مؤكدا أن الجيش كان “يعرف تماما قدرات القنابل الخارقة للتحصينات التي تحملها”، وهي قنابل تزن 30 طنا ومصممة لاختراق الأهداف تحت الأرض.
وأوضح أن اختيار نقطة الدخول للقنابل كان من خلال مداخل القنوات تحت الأرض التي قامت إيران بمحاولة إخفائها قبل الهجوم. لكن العملية نجحت في تدمير هذه الحماية بالكامل.
رسائل متعددة الاتجاهات
تشير هذه التصريحات إلى أن واشنطن لا تسعى فقط لإضعاف البرنامج النووي الإيراني، بل أيضا لإرسال رسالة استراتيجية إلى طهران والمنطقة بأن المنشآت المحصنة ليست بمنأى عن الضربات الأمريكية الدقيقة.
وتعد العملية أيضا أول اختبار عملي ناجح منذ سنوات لقدرات الولايات المتحدة على ضرب الأهداف النووية في عمق أراضي خصومها، في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.










