لماذا اعتبر ترامب ممداني شخصية مزعجة له في الساحة السياسية
يُعتبر تفاعل الرئيس دونالد ترامب العنيف مع فوز زهران ممداني بالانتخابات التمهيدية الديمقراطية لبلدية نيويورك مؤشراً واضحاً على الأسباب المتعددة التي تجعل الشاب اليساري مصدر إزعاج حقيقي للرئيس الأمريكي. فبعد ساعات قليلة من إعلان النتائج، شن ترامب هجوماً شرساً وصف فيه ممداني بـ«الشيوعي المجنون بنسبة 100%» في سلسلة من المنشورات الغاضبة على منصة «تروث سوشال».
تهديد رمزي للنموذج الترامبي
يمثل فوز ممداني تحدياً رمزياً قوياً لكل ما يمثله ترامب سياسياً واقتصادياً. ففي الوقت الذي يُروج فيه ترامب لسياسات تخدم الأثرياء والشركات الكبرى، يطرح ممداني نموذجاً مختلفاً تماماً قائماً على العدالة الاجتماعية والضرائب التصاعدية وتمكين الطبقة العاملة.
الخوف من انتشار الاشتراكية الديمقراطية
ما يُقلق ترامب بشكل خاص هو أن ممداني ينتمي إلى تيار الاشتراكيين الديمقراطيين (DSA)، وهو أكبر تنظيم اشتراكي في الولايات المتحدة. هذا التنظيم الذي يضم شخصيات مؤثرة مثل ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز ورشيدة طليب، نجح في تحقيق مكاسب انتخابية مهمة خلال السنوات الأخيرة.
برنامج اقتصادي يهدد النموذج الرأسمالي
يطرح ممداني برنامجاً اقتصادياً جذرياً يتضمن تجميد الإيجارات، والحافلات المجانية، ومتاجر البقالة المملوكة للمدينة، وبناء 200 ألف وحدة إسكان اجتماعي، كل ذلك بتمويل من ضرائب تصاعدية على الأثرياء والشركات. هذه السياسات تُشكل تهديداً مباشراً لمصالح الطبقة الثرية التي يُمثلها ترامب.
الخطر الديموغرافي والثقافي
يُمثل ممداني أيضاً تحدياً ديموغرافياً وثقافياً لترامب. فهو مسلم من أصول هندية-أفريقية، وإذا فاز فسيصبح أول عمدة مسلم لنيويورك وأصغر عمدة منذ أكثر من قرن. هذا التمثيل المتنوع يتناقض مع النهج القومي الأبيض الذي يُروج له ترامب.
موقفه من فلسطين وإسرائيل
أثارت مواقف ممداني المؤيدة بقوة للحقوق الفلسطينية غضب ترامب بشكل خاص. فممداني يدعم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ووصف السياسات الإسرائيلية بـ«الإبادة الجماعية»، كما تعهد باعتقال نتنياهو إذا زار نيويورك.
تأثير رمزي على الحزب الديمقراطي
يُشكل فوز ممداني دليلاً على انحراف الحزب الديمقراطي نحو اليسار، وهو ما يُؤرق ترامب الذي يحاول تصوير الديمقراطيين كحزب «متطرف» أمام الناخبين المعتدلين. هذا الانحراف نحو سياسات أكثر تقدمية قد يُلهم ناخبين آخرين في مختلف أنحاء البلاد.
الخوف من نموذج قابل للتطبيق
ما يُخيف ترامب أكثر هو أن ممداني لا يكتفي بالشعارات، بل يُقدم برنامجاً قابلاً للتطبيق مع تمويل واضح المصادر. إذا نجح في تنفيذ وعوده كعمدة لنيويورك، فقد يُصبح نموذجاً ملهماً لسياسيين تقدميين آخرين في مختلف أنحاء البلاد.
استخدام التخويف والشيطنة
لجأ ترامب إلى استراتيجيته المعتادة في التعامل مع التهديدات السياسية من خلال الهجوم الشخصي والشيطنة الأيديولوجية. فبدلاً من مناقشة سياسات ممداني، هاجم مظهره وصوته وذكاءه، ووصفه بـ«الشيوعي المجنون»، في محاولة لتشويه صورته أمام الرأي العام.
ردود فعل تكشف الخوف الحقيقي
سرعة وشراسة رد فعل ترامب تكشف مدى جدية التهديد الذي يُمثله ممداني في نظره. فالرئيس الذي اعتاد مهاجمة خصومه بعد فترات، بادر هذه المرة بالهجوم فور إعلان النتائج، مما يُشير إلى إدراكه العميق لخطورة هذا التطور على أجندته السياسية.
التحدي للهيمنة الإعلامية
يُمثل ممداني أيضاً تحدياً لأساليب ترامب في التأثير على الرأي العام. فبينما يعتمد ترامب على وسائل الإعلام التقليدية والمنصات الرقمية لنشر رسائله، نجح ممداني في بناء قاعدة شعبية قوية من خلال العمل الميداني والتواصل المباشر مع المواطنين، حيث طرق متطوعوه أكثر من مليون باب.
