شهدت منطقة مدرسة العائلة المقدسة في مدينة غزة مأساة إنسانية جديدة، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى طمر عدد كبير من خيام النازحين تحت الرمال، مما أسفر عن استشهاد 11 شخصاً وإصابة عدد من الآخرين، فيما لا يزال هناك أعداد من المفقودين تحت الأنقاض.
تشير المصادر الطبية إلى أن الحصيلة الأولية قد تكون أقل من الواقع الفعلي، حيث تشير تقارير أخرى إلى ارتفاع عدد الشهداء إلى 10 أشخاص في استهداف مواطنين قرب المدرسة ذاتها. وقد وصل الشهداء والجرحى إلى مستشفى الشفاء، حيث أكدت المصادر الطبية تسجيل 3 شهداء وعدد من المصابين في القصف الإسرائيلي على محيط المدرسة.
صرخات النساء وبكاء الأطفال
المشهد الذي رسمته التقارير الميدانية يحكي عن مأساة إنسانية مروعة، حيث امتزجت صرخات النساء ببكاء الأطفال وسط الدمار الذي خلفه القصف. الخيام التي كانت تؤوي النازحين تحولت إلى مقابر جماعية بعد أن طمرتها الرمال جراء شدة القصف.
وفي إطار الهجمات المتواصلة، شهد يوم الجمعة 27 يونيو 2025 تصعيداً خطيراً في العدوان الإسرائيلي، حيث بلغت حصيلة الشهداء اليومية 47 فلسطينياً، بينهم 11 من منتظري المساعدات الإنسانية. كما استُشهد 14 فلسطينياً آخرين بينهم 5 أطفال في قصف مناطق متفرقة من القطاع.
نمط ممنهج من الاستهداف
تؤكد الأحداث الأخيرة استمرار النمط الممنهج في استهداف المدارس والمراكز التي تؤوي النازحين. فمدرسة العائلة المقدسة تتعرض للقصف بشكل متكرر، حيث سبق أن استُهدفت في يوليو 2024، مما أسفر عن استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين. كما تعرضت المدرسة للقصف في ديسمبر 2023 أيضاً.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المدارس التي قُصفت مباشرة من قبل الاحتلال تجاوز 200 مدرسة، وفق تقرير لمجموعة التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونتيجة لهذا العدوان المستمر، استشهد نحو 9000 من الطلبة في القطاع وأكثر من 500 معلم وإداري في المدارس.
واقع النازحين في غزة
يعيش النازحون في قطاع غزة أوضاعاً مأساوية، حيث تكتظ الخيام في المناطق الصحراوية مثل مواصي خانيونس، التي تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية. ويواجه النازحون صعوبات جمة في الحصول على المياه والطعام، إذ يعتمدون على آبار محدودة تعمل ساعة أو ساعتين يومياً فقط.
وتتفاقم معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحشرات والأمراض، حيث تتحول الخيام إلى أفران حقيقية تحت أشعة الشمس الحارقة. كما يضطر العديد منهم للسكن على شاطئ البحر، حيث تغمر مياه البحر خيامهم باستمرار.
الوضع الصحي الكارثي
يمر النظام الصحي في غزة بمؤشرات كارثية بعد أكثر من 600 يوم من الحرب، حيث خرجت 22 مستشفى عن الخدمة من أصل 38 مستشفى، وتوقفت 75 مركزاً من أصل 105 مركز رعاية أولية. كما بلغت نسبة إشغال الأسرة 106%، مما يعكس الضغط الهائل على المرافق الصحية العاملة.
وتشير الإحصائيات إلى أن 47% من قائمة الأدوية الأساسية رصيدها صفر، وكذلك 65% من قائمة المستهلكات الطبية. كما تعمل 50 غرفة عمليات فقط من أصل 104 غرفة، وتوفي 41% من مرضى الفشل الكلوي خلال الحرب.
ضحايا المساعدات الإنسانية
تحولت آلية توزيع المساعدات الإسرائيلية-الأمريكية إلى “مصائد للموت”، حيث بلغت حصيلة ضحايا ما يُعرف بـ”آلية المساعدات” خلال شهر واحد فقط 549 شهيداً و4066 مصاباً و39 مفقوداً. يستدرج الاحتلال المدنيين الجائعين، ثم يطلق النار عليهم بدم بارد وبشكل ممنهج.
وتؤكد التقارير الطبية أن غالبية إصابات طالبي المساعدات على مستوى الرأس، مما يؤكد قنصهم عمداً. كما أن عدد الشهداء الذين سقطوا أثناء انتظار المساعدات منذ بدء العمل بآلية التوزيع الجديدة في 27 مايو بلغ 549 شهيداً وأكثر من 4000 مصاب.
الحصيلة الإجمالية المأساوية
تشير أحدث الإحصائيات إلى أن حصيلة الشهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023 بلغت 56,331 شهيداً و132,632 مصاباً. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، استُشهد 103 فلسطينيين وأُصيب 219 آخرون.
وتؤكد الأمم المتحدة أن حوالي 70% من ضحايا الحرب في غزة من النساء والأطفال، مما يشير إلى “انتهاك ممنهج للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”. كما يمثل الأطفال حوالي 44% من الضحايا، حيث كان أصغر الضحايا طفلاً يبلغ من العمر يوماً واحداً.
مفقودون تحت الأنقاض
تبقى مأساة المفقودين تحت الأنقاض واحدة من أصعب التحديات التي تواجه الأهالي في غزة. فبعد كل قصف، يبدأ الأهالي رحلة البحث المؤلمة عن أحبائهم، مدفوعين بالحب والأمل في العثور على جثامين ذويهم. يقول أحد الناجين: “نحن نفقد أحبابنا جملةً واحدة، بينما نعثر عليهم فرادى”.
وتعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إلى العديد من المواقع المقصوفة بسبب استمرار القصف ونقص المعدات، مما يترك عشرات العائلات تبحث عن مفقوديها بأيديها العارية.
تستمر مأساة غزة في التفاقم يوماً بعد يوم، حيث تتكرر مشاهد الدمار والموت، وتتعالى صرخات النساء وبكاء الأطفال وسط صمت عالمي مريب أمام هذه الجرائم المروعة التي ترتكب بحق شعب أعزل يبحث فقط عن حقه في الحياة والكرامة الإنسانية










