أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري بياناً رسمياً حاسماً اليوم الجمعة 27 يونيو 2025، نفى فيه بشكل قاطع ما تردد من أنباء حول اعتزام الدولة خصخصة الجامعات الحكومية. جاء هذا النفي في إطار الرد على تكهنات وشائعات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية حول احتمالية تحويل الجامعات الحكومية إلى القطاع الخاص.
نفي قاطع لشائعات الخصخصة
وأكد المركز الإعلامي أنه لا توجد أي نية لخصخصة الجامعات الحكومية، ولم يصدر في هذا الشأن أي قرارات رسمية، مشدداً على استمرار ملكية الدولة للجامعات الحكومية البالغ عددها 28 جامعة تغطي جميع محافظات الجمهورية.
وأوضح البيان أن الدولة تعمل على تطوير منظومة التعليم العالي ودعم الجامعات الحكومية، مشيراً إلى أن العمل جارٍ على تحديث البرامج الدراسية بمختلف الكليات بما يتوافق مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
السياق الذي أثار التكهنات
ترجع هذه التكهنات إلى التوسع الكبير الذي تشهده مصر في إنشاء الجامعات الأهلية والخاصة، حيث وقع الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً قرارات بإنشاء 12 جامعة أهلية جديدة لتبدأ الدراسة فيها اعتباراً من العام الدراسي 2025-2026.
هذا التوسع الكبير في الجامعات الأهلية أثار تساؤلات حول نوايا الدولة تجاه الجامعات الحكومية التقليدية، خاصة مع الحديث عن خفض أعداد الطلاب في الكليات النظرية والتوجه نحو التخصصات العلمية والتكنولوجية.
الرؤية الحكومية للتعليم العالي
الاستراتيجية الوطنية للتطوير
أكد البيان أن تطوير منظومة التعليم العالي يرتكز على تعزيز التخصصات العلمية والتكنولوجية التي تتزايد الحاجة إليها في سوق العمل، لضمان تحقيق التوازن بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية.
التوسع في الجامعات الحكومية
خلافاً للمخاوف من الخصخصة، كشف البيان عن زيادة عدد الجامعات الحكومية إلى 28 جامعة حكومية تغطي جميع محافظات الجمهورية، مقارنة بـ23 جامعة حكومية في عام 2014. هذا التوسع يؤكد التزام الدولة بالاستثمار في التعليم الحكومي وليس التخلي عنه.
موقف وزير التعليم العالي
أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن التوسع في إنشاء الجامعات الجديدة يأتي في إطار الدعم الكبير من الرئيس السيسي، بهدف استيعاب الزيادة في أعداد الطلاب وتحسين جودة التعليم العالي.
وأشار الوزير إلى أن العدد الإجمالي للجامعات في مصر ارتفع إلى 128 جامعة (ما بين حكومية وأهلية وخاصة وتكنولوجية ودولية) مقارنة بـ49 جامعة فقط في عام 2014.
الجامعات الأهلية: مسار مكمل وليس بديل
طبيعة الجامعات الأهلية
أوضحت البيانات الرسمية أن الجامعات الأهلية هي مؤسسات غير هادفة للربح مملوكة للدولة وتُدار بعيداً عن منظومة التعليم العالي التقليدية. هذه الجامعات تهدف إلى تقديم برامج تعليمية لتأهيل الخريجين لتلبية احتياجات سوق العمل وخلق فرص وتخصصات متميزة.
الجامعات الأهلية الجديدة 2025
تشمل قائمة الجامعات الأهلية الجديدة التي وافق عليها الرئيس السيسي 12 جامعة موزعة جغرافياً عبر الجمهورية:
- جامعة السويس الأهلية
- جامعة دمنهور الأهلية
- جامعة القاهرة الأهلية
- جامعة عين شمس الأهلية
- جامعة سوهاج الأهلية
- جامعة كفر الشيخ الأهلية
- جامعة الوادي الجديد الأهلية
- جامعة الفيوم الأهلية
- جامعة طنطا الأهلية
- جامعة الأقصر الأهلية
- جامعة دمياط الأهلية
- جامعة مدينة السادات الأهلية
الانتقادات والمخاوف الاقتصادية
مخاوف الخبراء
رغم النفي الحكومي، يحذر خبراء التعليم من أن التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية يمكن أن يكون مقدمة لخصخصة التعليم العالي. يشير الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني إلى أن الهدف قد يكون “التوقف عن تمويل التعليم العام وتحميل المواطنين أعباء التعليم”.
التحديات المالية
تواجه الجامعات الأهلية تحديات مالية كبيرة حيث تتراوح المصروفات السنوية بين 75 ألف جنيه للهندسة وعلوم الحاسب إلى 130 ألف جنيه لكليات الطب. هذه التكلفة العالية تثير مخاوف حول عدالة الوصول للتعليم العالي.
السياق التاريخي لمجانية التعليم
الإرث الناصري
منذ عام 1958، أصدر الرئيس جمال عبد الناصر مرسوماً بمد مظلة التعليم المجاني لتشمل التعليم الجامعي، وهو ما أدى إلى رفع الأعداد المقيدة بالجامعات. هذا التقليد استمر لأكثر من ثلاثين عاماً حتى بداية التسعينات عندما بدأت نظم جديدة بمصروفات تطبق داخل الجامعات نفسها.
دستورية التعليم المجاني
ينص الدستور المصري على أن التعليم العام حق مكفول لكافة المواطنين، كما يلزم الحكومة بتوجيه 7% من الموازنة العامة للتعليم العام. ويشير خبراء إلى عدم التزام الحكومة بهذه النسبة الدستورية.
التأثير على سوق العمل والاقتصاد
ربط التعليم بسوق العمل
يهدف التوسع في الجامعات الأهلية إلى ربط البرامج الدراسية بسوق العمل وتقديم تخصصات بينية حديثة تواكب متطلبات الاقتصاد المعاصر. هذا التوجه يأتي في إطار الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي حتى عام 2050.
استيعاب الطلاب الوافدين
تسعى الحكومة المصرية إلى تسويق برامج الجامعات الأهلية على المستوى الإقليمي لجذب المزيد من الطلاب الوافدين، حيث ارتفع عدد الملتحقين بالجامعات والمعاهد المصرية إلى 3.8 ملايين طالب في العام الدراسي الحالي مع توقعات وصول العدد إلى 5 ملايين طالب بحلول عام 2030.
التحديات المستقبلية
الحاجة إلى التوازن
يتطلب النجاح في تطوير منظومة التعليم العالي تحقيق التوازن بين الاستثمار في الجامعات الحكومية والتوسع في الجامعات الأهلية. هذا التوازن ضروري لضمان عدم إهمال المجانية والوصول العادل للتعليم مع تلبية متطلبات الجودة والتطوير.
ضمان الجودة
تواجه الجامعات الأهلية الجديدة تحدي ضمان الجودة التعليمية خاصة مع سرعة التوسع وضرورة توفير البنية التحتية والكوادر المؤهلة. يتطلب هذا استثماراً كبيراً في التجهيزات والمعامل والمرافق التعليمية.
خلاصة الموقف الحكومي
البيان الحكومي الصادر اليوم يؤكد بوضوح أن ملكية الجامعات الحكومية للدولة لا مساس بها، وأن التوسع في الجامعات الأهلية يأتي كمسار مكمل وليس بديل للتعليم الحكومي. الهدف هو توفير خيارات متنوعة للطلاب مع الحفاظ على مجانية التعليم الحكومي وجودته.
تؤكد الحكومة المصرية التزامها بتطوير التعليم العالي من خلال مسارات متعددة تشمل تحديث الجامعات الحكومية وإنشاء جامعات أهلية متطورة، بهدف بناء منظومة تعليمية شاملة تلبي احتياجات المجتمع والاقتصاد المصري في القرن الحادي والعشرين.










