موجة اعتقالات في إيران تطال الجالية اليهودية بعد الحرب مع إسرائيل
شهدت إيران في الساعات الأخيرة موجة اعتقالات جديدة استهدفت عدداً من أبناء الجالية اليهودية في مدينتَي طهران وشيراز، بعد أيام من انتهاء الحرب مع إسرائيل. وقالت مصادر حقوقية وإعلامية إسرائيلية إن المعتقلين، وبينهم حاخامات وقادة مجتمع، اتُّهموا بـ«التعاون مع إسرائيل»، في إطار حملة شاملة طالت حتى الآن أكثر من 700 شخص بتهم مشابهة منذ 13 يونيو.
تفاصيل الاعتقالات وأسماء بارزة
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت وتقارير في موقع Ynet أن عناصر من قوات الأمن الإيرانية داهمت منازل يهود في طهران وشيراز، وصادرت هواتفهم وحواسيبهم، ثم احتجزت الرجال وأطلقت سراح النساء لاحقاً. وبين المعتقلين حاخام مشهور وأفراد من عائلة واحدة صُودرَت أجهزتهم الإلكترونية بالكامل.
«حين يتعرّض النظام للضغط، يوجِّه ضرباته إلى الأقليات»، هكذا نقلت الناشطة الإيرانية-الأمريكية «ناز» رسالة من صديقة لها في شيراز، أكدت فيها أنّ السلطات اقتادت المعتقلين إلى «مكان مجهول» وسط تعتيم كامل.
وفي تقرير منفصل لـ«إيران إنترناشيونال» نقلته شبكة Israel National News، ذكرت مصادر محلية أن المداهمات شملت أيضاً أصفهان، وأن مجرد وجود تواصل رقمي سابق مع أقارب في إسرائيل استُخدم ذريعة للاعتقال.
سياق الحملة الأمنية الواسعة
هذه الاعتقالات امتداد لعملية أمنية أوسع أعلنت عنها وكالة «فارس» المقربة من الحرس الثوري، والتي أسفرت عن توقيف أكثر من 700 شخص خلال أسبوعين بتهمة «التجسس لصالح الموساد» أو «تشويش الرأي العام». وشملت الحملة محافظات كرمنشاه وأصفهان وخوزستان وفارس وقم، إضافة إلى مدن مركزية كيزد وهرمزغان.
وبالتوازي، أعدمت إيران ثلاثة رجال أكراد يوم 25 يونيو بعد إدانتهم بالتجسس لإسرائيل، فيما يواجه ستة آخرون أحكام إعدام وشيكة، وفق «إيران هيومن رايتس».
ردود الفعل الرسمية داخل إيران
رغم موجة التوقيفات، واصل ممثل اليهود في البرلمان الإيراني، الدكتور همايون سميه نجف آبادي، التعبير عن «الامتنان للنظام»، داعياً في بيان مشترك مع قيادات دينية يهودية إلى «رد قوي على العدوان الصهيوني». وأشار إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية «تسببت في أضرار لمنازل يهود» ودعا لعدم إقامة أي احتفالات دينية أو اجتماعية خلال فترة التوتر.
من جانبه، أكد الدكتور يونس حمامي لالي، وهو طبيب وزعيم مجتمعي بارز، أن «يهود إيران يرون هذا الوطن موطنهم ويقفون مع الدولة ضد أعدائها»، في محاولة لدرء شبهة «التعاون».
أجواء خوف داخل الجالية
تقدَّر أعداد اليهود في إيران بنحو 9-10 آلاف شخص، يتركّز معظمهم في طهران مع تجمعات أصغر في شيراز وأصفهان. وتصف تقارير ميدانية أجواء «الخوف والعزلة» التي يعيشها هؤلاء، حيث يُجبر كثيرون على قطع الإنترنت والامتناع عن التواصل مع أقاربهم في الخارج خشية الملاحقة.
الخبيرة في الشأن الإيراني بجامعة حيفا، الدكتورة تمار إيلام جِندِين، أوضحت أن النظام «يستخدم الجالية اليهودية رهائن دعائية ليُبرهن أنه ضد الصهيونية لا ضد اليهودية»، لكن واقع الحريات «أكثر تعقيداً بكثير مما تحاول طهران إظهاره».
جذور تاريخية للقمع
تُذكِّر الاعتقالات الأخيرة بقضية «يهود شيراز» عام 1999، حين حُكم على 13 يهودياً بالسجن لسنوات بتهمة التجسس لإسرائيل قبل الإفراج التدريجي عنهم تحت ضغط دولي. ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979 تقلص عدد اليهود في إيران من نحو 80 ألفاً إلى أقل من 10 آلاف، نتيجة الهجرة الجماعية هرباً من القيود والتهديدات.
تفسيرات ودوافع
يرى مراقبون أن طهران تسعى، بعد الضربة الإسرائيلية الواسعة يوم 13 يونيو وانتهاء القتال في 24 يونيو، لتوظيف ملف «الجواسيس» لتبرير أي إخفاق أمني داخلي، ولترهيب الأقليات ومنعها من تشكيل شبكة تواصل مع الخارج.
يقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بيهنام بن طالبلو، إن «إيران تحاول إعادة بناء هيبتها الأمنية بعد فضيحة الاختراق الإسرائيلي، لذا تستخدم الاعتقالات والإعدامات كسلاح ردع داخلي وأداة تفاوض خارجي».










