حركة الشباب تنشر صورًا من اشتباكات سيلكوكسلي وتوسع نفوذها في وسط الصومال
تشهد منطقة وسط الصومال تصعيدًا أمنيًا متزايدًا مع نشر حركة الشباب الإسلامية صورًا صادمة من المعارك الأخيرة في منطقة سيلكوكسلي بالقرب من موكوكوري، في إطار حملة دعائية واسعة تهدف إلى إظهار هيمنتها المتنامية في المنطقة.
السياق الأمني المتدهور في وسط الصومال
تأتي هذه التطورات في ظل حرب استنزاف مستمرة بين حركة الشباب والقوات الحكومية الصومالية، حيث تحاول الحركة استعادة الأراضي التي خسرتها خلال الحملة العسكرية الحكومية المكثفة التي بدأت في أغسطس 2022. تشهد منطقة شبيلي الوسطى وهيران تحديدًا أعنف المواجهات، حيث تخوض الحركة ما يُعرف بـ“عملية رمضان” أو هجوم شبيلي 2025 منذ فبراير الماضي.
تُشير التقارير إلى أن حركة الشباب نجحت في تحقيق مكاسب عسكرية ملموسة خلال الأشهر الماضية، حيث استعادت السيطرة على مناطق استراتيجية مهمة، بما في ذلك مدينة آدان يبال في أبريل 2025، والتي تُعتبر قاعدة عسكرية ولوجستية رئيسية للقوات الصومالية شمال مقديشو على مسافة 220 كيلومترًا.
التكتيكات الجديدة للحركة والاستراتيجية الإعلامية
تُظهر الصور التي نشرتها حركة الشباب من منطقة سيلكوكسلي آثار القتال العنيف مع القوات المحلية والميليشيات الموالية للحكومة. وفقًا للتحليلات الأمنية، تهدف هذه الصور إلى بث رسالة هيمنة وإظهار قدرة الحركة على تحدي القوات الحكومية في مناطق كانت تُعتبر آمنة نسبيًا.
تتبع حركة الشباب استراتيجية “الكر والفر” في مواجهة القوات الحكومية، حيث تتجنب المواجهات المباشرة وتنسحب إلى الأحراج المحيطة بالمدن الكبرى، مما يسمح لها بالعودة للهجوم في أي لحظة. هذه التكتيكات تُمكن الحركة من الحفاظ على مقاتليها ومعداتها الحربية مع الاستمرار في إرهاق القوات الحكومية.
التحديات التي تواجه القوات الحكومية
تواجه القوات الصومالية ثلاث عقبات رئيسية في مكافحة نفوذ حركة الشباب:
أولاً: لجوء عناصر الحركة إلى الأحراج يسمح لهم بشن هجمات مستمرة والعودة للمدن. ثانيًا: صعوبة إيصال الإمدادات للقوات في المناطق النائية. ثالثًا: التحديات اللوجستية والمالية التي تواجهها الحكومة في ظل أزمات إقليمية ودولية متعددة.
كما تُشير التقارير إلى أن الحركة تستفيد من ضعف التنسيق بين القوات الحكومية والميليشيات المحلية، وانخفاض الدعم اللوجستي والمالي من الدول الغربية، خاصة بعد إعلان الولايات المتحدة إيقاف دعمها بالكامل.
الوضع في منطقة موكوكوري وسيلكوكسلي
تُعتبر منطقة موكوكوري نقطة استراتيجية مهمة في إقليم هيران، حيث تخوض عشيرة الحوادلي حربًا وجودية ضد حركة الشباب. وصل مدير وكالة المخابرات والأمن الوطني الصومالية عبد الله سنبلوشي مؤخرًا إلى المنطقة لتشجيع مليشيات العشيرة، مما يؤكد على أهمية المنطقة في الصراع الدائر.
تتعالى الأصوات مطالبة الحكومة الصومالية والعشائر في إقليمي هيران وشبيلي الوسطى بالمشاركة بقوة في الحرب لتخفيف الضغوط عن عشيرة الحوادلي التي تواجه وحدها مقاتلي حركة الشباب منذ فترة طويلة.
العمليات العسكرية المضادة
رغم التحديات، تواصل القوات الصومالية عملياتها المضادة ضد حركة الشباب. في الأسابيع الأخيرة، نفذت القوات عدة عمليات أسفرت عن مقتل عشرات المسلحين. في يونيو 2025 وحده، أعلن الجيش الصومالي عن مقتل 18 مسلحًا في منطقة هيران، و13 آخرين في شبيلي الوسطى، بالإضافة إلى تدمير آليات ومعدات عسكرية تابعة للحركة.
كما نفذت القوات الأمريكية والإثيوبية غارات جوية ضد مواقع الحركة كجزء من الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في المنطقة. هذه الضربات الجوية أثبتت فعاليتها في تقليص قدرات الحركة القتالية وإلحاق خسائر فادحة بصفوفها.
التداعيات الإقليمية والدولية
يأتي تصعيد نشاط حركة الشباب في وقت تشهد فيه من القرن الأفريقي تحولات جيوسياسية مهمة، بما في ذلك التحولات في بعثة الاتحاد الأفريقي (أوسوم) التي حلت محل بعثة أتميس في يناير 2025. تواجه البعثة الجديدة تحديات كبيرة تشمل نقص التمويل وانخفاض عدد القوات.
كما تثير التطورات الأمنية مخاوف من تكرار سيناريو أفغانستان في الصومال، خاصة مع زحف الحركة نحو مقديشو واستغلالها للفراغ الأمني الناتج عن انخفاض الدعم الغربي. وتشير التقارير إلى أن الحركة تمكنت من الحصول على أسلحة ثقيلة من معسكرات الجيش الصومالي في المواقع التي انسحب منها، مما عزز قدراتها العسكرية.
التحدي المستمر
تُظهر الصور الصادمة التي نشرتها حركة الشباب من سيلكوكسلي ومحاولاتها توسيع نفوذها في وسط الصومال أن التحدي الأمني في البلاد لا يزال بعيدًا عن الحل. رغم الوعود الحكومية بالقضاء على الحركة بحلول نهاية 2025، تشير الوقائع الميدانية إلى أن الصراع قد يستمر لفترة أطول مما متوقع.
تتطلب مواجهة هذا التحدي استراتيجية متكاملة تشمل ليس فقط العمليات العسكرية، بل أيضًا الجهود التنموية والاقتصادية ومكافحة التطرف من جذوره عبر التعليم والتثقيف ونشر قيم التسامح. كما تحتاج الحكومة الصومالية إلى دعم دولي مستدام وتعزيز التنسيق مع القوات الإقليمية والمحلية لضمان تحقيق النصر النهائي ضد هذه الجماعة المتطرفة.










