تشهد إيران موجة من النشاط الزلزالي المتصاعد وسط استمرار الهجمات العسكرية على منشآتها النووية والعسكرية، مما يثير تساؤلات متزايدة حول العلاقة المحتملة بين الانفجارات الناجمة عن القصف والحركة الزلزالية المرصودة في البلاد.
الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على المنشآت النووية
بدأت سلسلة الهجمات في 13 يونيو 2025، حين شنت إسرائيل عملية “عَم كِلافي” (شعب كلبؤة) على منشآت نووية وعسكرية في إيران، استهدفت مواقع متعددة بما في ذلك أجزاء من البرنامج النووي الإيراني. وقد أسقطت أكثر من 200 طائرة إسرائيلية أكثر من 330 ذخيرة على حوالي 100 هدف خلال الضربات الافتتاحية.
تلت ذلك هجمات أمريكية كبيرة على ثلاثة مواقع نووية رئيسية، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الجيش الأمريكي نفذ “هجوماً ناجحاً للغاية” على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. واستخدمت الولايات المتحدة سبع قاذفات شبح من طراز “بي-2” وقنابل من طراز “جي بي يو-57” التي تزن 13 طناً وقادرة على اختراق عشرات الأمتار في الأعماق.
النشاط الزلزالي المتزايد
شهدت إيران خلال فترة الهجمات نشاطاً زلزالياً ملحوظاً، حيث سُجلت هزة أرضية بقوة 2.5 درجة بالقرب من منشأة فوردو النووية في 15 يونيو. وأوضح المركز الوطني لرصد الزلازل في إيران أن الهزة وقعت على عمق 10 كيلومترات في منطقة تبعد نحو 90 كيلومتراً عن منشأة فوردو.
كما ضرب زلزال بقوة 5.2 درجة شمال إيران في 20 يونيو، على عمق 10 كيلومترات على مسافة نحو 37 كيلومتراً جنوب غربي مدينة سمنان. وشعر سكان طهران ومدينتي كرج ودماوند القريبتين ومدينة قم في وسط البلاد بالزلزال.
التقارير حول الانفجارات والتأثيرات الزلزالية
وفقاً لما ذكرته صحيفة اعتماد الإيرانية نقلاً عن مهدي زارع، أستاذ في معهد أبحاث الزلازل الدولي، فإنه خلال الهجمات الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً على إيران، وكذلك في أعقاب الهجوم الأمريكي على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية، وقع نحو 1500 انفجار ناجم عن أكثر من 3400 قذيفة أصابت المدن التي وقعت فيها الهجمات. وبحسب هذا التقرير، وقع ما لا يقل عن 1500 زلزال في موقع الانفجارات، وهو عدد يعادل عدد الانفجارات نفسها.
الخبرة العلمية لمهدي زارع
الدكتور مهدي زارع هو أستاذ في المعهد الدولي لهندسة الزلازل والزلزالية (IIEES) وعضو مشارك في أكاديمية العلوم في إيران. له خبرة واسعة في مجال التنبؤ بالزلازل وهندسة الزلازل، وقد نشر أبحاثاً متعددة حول النشاط الزلزالي في إيران.
وقد صرح زارع سابقاً بأن هناك أدلة على أن التغيرات المناخية قد تؤدي إلى تحفيز الفوالق وحدوث الزلازل. كما أشار إلى أن 400 سهل من أصل 609 سهلاً في إيران تعاني من هبوط الأراضي، خاصة في محافظات طهران والبرز وأصفهان.
التساؤلات حول العلاقة بين الانفجارات والزلازل
يثير التزامن بين الانفجارات والنشاط الزلزالي تساؤلات علمية مهمة. فالانفجارات تحت الأرض يمكن أن تحفز النشاط الزلزالي عبر إطلاق الضغط التكتوني بالقرب من موقع الانفجار. ومع ذلك، يمكن للعلماء التمييز بين الانفجارات والزلازل الطبيعية من خلال دراسة الموجات الزلزالية.
الوضع الجيولوجي لإيران
تقع إيران على الحزام الزلزالي الألبي-الهيمالايا النشط، حيث تلتقي الصفائح التكتونية العربية والأوراسية. هذا الموقع يجعل البلاد تشهد نشاطاً زلزالياً متكرراً، حيث تسجل عادة 2100 زلزال سنوياً، منها 15 إلى 16 زلزالاً بقوة 5.0 درجة أو أكثر. وبين عامي 2006 و2015، سجلت إيران 96000 زلزال.
التأثيرات على المنشآت النووية
أظهرت صور الأقمار الصناعية أضراراً جسيمة لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية. وفي منشأة فوردو، تظهر الصور وجود عدة فتحات كبيرة القطر عبر الموقع، بالإضافة إلى طبقة من الرماد الأزرق المنتشرة فوق المنشأة، مما يشير إلى تأثير الضربات.
كما تضررت منشأة أصفهان للتكنولوجيا النووية بشكل واسع، حيث دُمر أكثر من عشرة مبانٍ بالإضافة إلى الأربعة التي كانت قد تضررت في هجمات إسرائيلية سابقة. وفي نطنز، تظهر الصور فتحة بقطر 18 قدماً مباشرة فوق جزء من المجمع العسكري تحت الأرض.
المخاوف الإقليمية والدولية
تثير هذه التطورات مخاوف إقليمية ودولية واسعة، خاصة مع تحذيرات خبراء من أن استهداف محطة بوشهر النووية قد يؤدي إلى كارثة إشعاعية كبرى. وقد حذر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي من أن ضربة مباشرة على بوشهر ستؤدي إلى “إطلاق عالٍ جداً للإشعاع في البيئة”.










