كشفت تحقيقات جهاز حماية الدستور الألماني (الاستخبارات الألمانية) عن اعتقال مشتبه به يُعتقد أنه يعمل لحساب فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بعد قيامه بجمع معلومات عن أهداف مرتبطة بالجالية اليهودية في العاصمة الألمانية برلين.
وبحسب بيان رسمي صادر عن مكتب الادعاء العام الاتحادي في ألمانيا، فإن المشتبه به “علي س.”، وهو دنماركي من أصل أفغاني، قد تم اعتقاله في مدينة آرهوس الدنماركية يوم 26 يونيو 2025، بناءً على مذكرة توقيف صدرت عن المحكمة العليا الاتحادية في ألمانيا في 24 من الشهر نفسه. ومن المقرر تسليمه قريبًا إلى السلطات الألمانية لاستكمال التحقيقات.
تحقيق ميداني في برلين لمواقع يهودية
تشير التحقيقات الأمنية إلى أن “علي س.” دخل الأراضي الألمانية في يونيو 2025، حيث قام بجولات ميدانية سرية التقط خلالها صورًا لثلاثة مواقع يهودية حساسة في برلين، من بينها:
مبنى الجمعية الألمانية الإسرائيلية (DIG)
مقر يُعتقد أنه تابع للدكتور جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا
وأفادت وسائل إعلام ألمانية، مثل “دير شبيغل” و“فيلت”، بأن نشاط المشتبه به قد يشير إلى مرحلة استطلاع أولية تمهيدًا لهجمات محتملة على أهداف يهودية في ألمانيا، ما يثير القلق بشأن وجود خلايا نائمة أو شبكات دعم خلف هذه العملية.
بصمات فيلق القدس وشبكات استخبارية إيرانية
وفقًا للمعلومات الصادرة عن الادعاء الألماني، يرتبط “علي س.” بأحد أجهزة الاستخبارات الإيرانية، وربما بشكل مباشر بفيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري الإيراني، المصنّف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية.
وتُعد هذه الحادثة الأحدث في سلسلة من الأنشطة الاستخباراتية الإيرانية في أوروبا، خاصة في ألمانيا، حيث سبق أن تم الكشف عن:
تجنيد مترجم عسكري ألماني لصالح إيران عام 2020
حملات تفتيش ضد مشتبه بهم تابعين لفيلق القدس في عدة ولايات ألمانية عام 2018
إغلاق “المركز الإسلامي في هامبورغ” و55 مؤسسة مرتبطة به في يوليو 2024 لدعمه حزب الله
مراقبة أنشطة “معهد المصطفى” في برلين بتهمة دعم شبكات تجنيد لحساب النظام الإيراني
تعاون استخباراتي أوروبي وتحذيرات أمنية
عملية الاعتقال جاءت ثمرة تعاون أمني وثيق بين جهاز الأمن الدنماركي (PET) ونظيره الألماني، في وقت تتزايد فيه المخاوف الأوروبية من الأنشطة التخريبية الإيرانية، وخصوصًا بعد التهديدات العلنية التي أطلقها مسؤولون إيرانيون بتحريك خلايا نائمة في أوروبا عقب التوترات مع إسرائيل.
وتخشى الأجهزة الأمنية الأوروبية من اتساع رقعة العمليات الاستخباراتية الإيرانية، خصوصًا مع استخدام غطاء ثقافي وديني ودبلوماسي لتجنيد العملاء وجمع المعلومات.
تحذير أوروبي من تكرار السيناريو
يرى مراقبون أن اعتقال “علي س.” هو إنذار جديد لأوروبا بضرورة رفع مستوى الحذر والرقابة على النشاطات الإيرانية، لا سيما تلك التي تُنفذ عبر مؤسسات دينية أو ثقافية، والتي ثبت تورط بعضها سابقًا في أعمال تجسسية أو دعم للإرهاب.
ويؤكد هذا الملف أن إيران لم توقف نشاطها السري في أوروبا رغم العقوبات والعزلة السياسية، بل تحاول تكثيفه باستخدام عناصر مزدوجة، وشبكات مترامية تحظى أحيانًا بغطاء قانوني واجتماعي معقد.










