وقَّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين 30 يونيو 2025 أمراً تنفيذياً تاريخياً بإنهاء برنامج العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، وذلك في خطوة جذرية تهدف إلى دعم مسار البلاد نحو الاستقرار والسلام بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. يدخل الأمر التنفيذي حيز التنفيذ اعتباراً من الثلاثاء 1 يوليو 2025، منهياً بذلك أكثر من أربعة عقود من العقوبات الاقتصادية التي عزلت سوريا عن النظام المالي العالمي.
تفاصيل الأمر التنفيذي الشامل
أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن الأمر التنفيذي يُلغي خمسة أوامر تنفيذية سابقة شكّلت الأساس لبرنامج العقوبات على سوريا، كما ينهي حالة الطوارئ الوطنية بشأن سوريا التي أُعلنت لأول مرة عام 2004. ووصفت ليفيت هذا الإجراء بأنه “خطوة التزم بها الرئيس وفاجأ بها العالم خلال زيارته إلى السعودية، لأنه ملتزم بدعم سوريا مستقرة وموحدة، تعيش في سلام داخلي ومع جيرانها”.
نطاق رفع العقوبات
يشمل الأمر التنفيذي رفع العقوبات عن:
الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع
البنك المركزي السوري والمؤسسات المالية الحكومية
الشركات المملوكة للدولة السورية
518 فرداً وكياناً تم رفعهم من قائمة العقوبات الأمريكية
كما يسمح الأمر بتخفيف ضوابط التصدير على بضائع معينة، ويُلغي بعض القيود المفروضة على المساعدات الخارجية لسوريا.
العقوبات المُتبقية والاستثناءات الاستراتيجية
رغم الإلغاء الشامل للعقوبات، أكد البيت الأبيض أن العقوبات ستبقى مفروضة على عدة فئات محددة:
الأسد ومساعدوه
تستمر العقوبات المفروضة على بشار الأسد ومساعديه، حيث قامت وزارة الخزانة الأمريكية بتعيين 139 فرداً وكياناً إضافياً مرتبطين بالنظام السابق تحت سلطات مكافحة الإرهاب.
فئات أخرى مستثناة
منتهكو حقوق الإنسان خلال النظام السابق
تجار المخدرات وخاصة الكابتاغون
الأشخاص المرتبطون بأنشطة الأسلحة الكيميائية
تنظيم داعش وفروعه
الوكلاء الإيرانيون في المنطقة
الخلفية التاريخية لسقوط نظام الأسد
شهدت سوريا تحولاً جذرياً في 8 ديسمبر 2024 عندما سقط نظام بشار الأسد بعد هجوم خاطف شنّته قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS). انتهت بذلك أكثر من 53 عاماً من حكم عائلة الأسد التي بدأت مع حافظ الأسد عام 1971.
صعود أحمد الشرع
تولى أحمد حسين الشرع (المعروف سابقاً باسم أبو محمد الجولاني) قيادة سوريا كرئيس مؤقت في ديسمبر 2024، قبل أن يُعيَّن رسمياً رئيساً للبلاد في 29 يناير 2025. الشرع، البالغ من العمر 42 عاماً، قاد تحولاً جذرياً من قائد جماعة مسلحة إلى رئيس دولة يسعى للاعتراف الدولي
إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي
أكد مسؤولون أمريكيون أن القرار سينهي عزلة سوريا عن النظام المالي العالمي ويمهد الطريق للتجارة والاستثمار من المنطقة والولايات المتحدة. نفّذت سوريا أول تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام “سويفت” منذ اندلاع الحرب الأهلية.
الاستثمارات المتوقعة
تقدر الحاجة لإعادة إعمار سوريا بما يتراوح بين 400 مليار دولار وفقاً للبنك الدولي وتريليون دولار حسب تقديرات وزير الاقتصاد السوري. شهدت البلاد بالفعل التزامات استثمارية ضخمة منها:
7 مليارات دولار لمشاريع البنية التحتية للطاقة بقيادة قطر
800 مليون دولار لتطوير ميناء طرطوس مع موانئ دبي العالمية
262 مليون دولار من شركة CMA CGM الفرنسية لتطوير ميناء اللاذقية
الوضع الاقتصادي السوري الحالي
الانهيار الاقتصادي
شهد الاقتصاد السوري انهياراً كارثياً خلال سنوات الحرب، حيث انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 85% من 67.5 مليار دولار عام 2010 إلى 9 مليارات دولار عام 2023. يُقدر البنك الدولي أن الاقتصاد السوري أصبح مماثلاً لاقتصادات ألبانيا أو أرمينيا رغم الاختلاف الكبير في حجم السكان.
آفاق التعافي
تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن الاقتصاد السوري قد يحتاج نصف قرن للعودة إلى مستويات ما قبل الحرب. ومع ذلك، فإن رفع العقوبات يفتح المجال أمام تدفقات استثمارية ضخمة قد تسرّع من عملية التعافي.










