تشهد مناطق عدة في شمال إسرائيل، خاصة في حي “أور يام” الراقي بمدينة أور عكيفا قرب قيسارية، حالة من الرعب والهلع بسبب غزو غير مسبوق لأسراب من “الذباب المصري”، في ظاهرة توصف بأنها الأولى من نوعها، وتسبب مخاوف جدية من انتقال بكتيريا خطيرة تهدد الصحة العامة.
خلفية الظاهرة:
ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية أن الذباب الذي بدأ بالانتشار بشكل مكثف يعتقد أنه من نوع “دروسوفيلا الباحثة”، ويشتبه في انتقاله من مناطق ملوثة مثل مياه الصرف الصحي الراكدة، ومواقع بناء غير مكتملة، وأماكن تعاني من إهمال بيئي وصحي.
يرى خبراء مكافحة الآفات أن الحرارة العالية، والرطوبة الشديدة، وغياب البنية التحتية المكتملة في الأحياء الجديدة ساهمت بشكل كبير في خلق بيئة مثالية لتكاثر هذا النوع من الذباب، الذي يشكل خطرا على سلامة الغذاء والهواء في المنازل.
هلع صحي واتهامات للبلدية:
مع تزايد الشكاوى، يتحدث السكان عن غزو شامل داخل المنازل، حيث تنتشر الحشرات في الثلاجات، الحمامات، الخزائن، وحتى غرف النوم، ما دفع بعضهم لوصف المشهد بأنه “وباء من أوبئة مصر القديمة في عهد النبي موسى”.
وقال أحد السكان:”الذباب في كل مكان… لا يمكننا الأكل، لا النوم، لا العيش! هذه ليست حياة، إنها جريمة بيئية.”
سكان الحي الهادئ، الذي يصنف من بين الأحياء الراقية، اتهموا البلدية بالتقصير والإهمال، مهددين بـ”التمرد” على دفع ضريبة الأملاك (الأرنونا) إذا لم تتحرك السلطات لاحتواء الأزمة.
المخاطر الصحية المحتملة
بحسب التقارير العبرية، ينقل الذباب بكتيريا مثل الإشريكية القولونية والسالمونيلا، ما يؤدي إلى إسهال حاد وتقيؤ وآلام بطنية لدى الأطفال وكبار السن، تهيج تنفسي قد يسبب ضيق تنفس وردود فعل تحسسية، التهابات جلدية وطفوح لدى الملامسين المباشرين للحشرة.
تراجع قيمة العقارات حديثة الشراء مع تهديد السكان بـ«تمرد ضريبي» ضد بلدية أور عكيفا إذا لم تتحرك فورا.
البلدية أرسلت فريقا لمكافحة الآفات لرش مبيدات في البؤر المشتبه بها، لكنها أقرت بأن حل المشكلة «يتطلب وقتا» لاستكمال البنية التحتية.
وزارة حماية البيئة فتحت تحقيقا بيئيا حول مصدر الحشرة، وأوصت السكان باستخدام شبكات نوافذ ومصائد ضوئية مؤقتة داخل المنازل.
شركة المياه «مي حوف كوركارمل» أعلنت نيتها إصلاح أنابيب صرف تالفة والتأكد من عدم تسرب مياه المجاري.
سياق بيئي أوسع
ظواهر غزو حشرات قادمة من مصر ليست جديدة على إسرائيل؛ ففي أعوام سابقة اجتاحت أسراب الجراد النقب الزراعي، وانطلقت إنذارات إنسانية وصحية مشابهة. غير أنها المرة الأولى التي يسجل فيها تكاثر ذباب مصري بهذا الحجم في منطقة ساحلية مأهولة.
يحذر خبراء الصحة العامة في معهد «فولكاني» الزراعي من أن تجاهل الظاهرة قد يحولها إلى مشكلة إقليمية تمتد على الساحل الشمالي كله، خصوصا مع حلول الصيف وارتفاع درجات الحرارة. نجاح الإجراءات الحالية يعتمد على التزام السكان بإغلاق النوافذ ليلا وإطفاء الإضاءة الخارجية بعيد المغيب.
رصد دوري للمصارف ومياه الري الزراعي في بساتين الحمضيات القريبة، وخطة طوارئ بلدية تشمل رصد بيئي واستعانة بخبراء حشرية لإيجاد التركيبة الكيميائية الأنسب لكل بيئة فرعية.










