أعلن فريق بحثي صيني من معاهد قوانغتشو للطب الحيوي والصحة نجاحه في زراعة بنية قلب نابض باستخدام خلايا بشرية داخل جنين خنزير، حيث استمر القلب في النبض لمدة 21 يوما متتالية دون مساعدة خارجية، وهو إنجاز علمي جديد يعد خطوة كبيرة في مجال زراعة الأعضاء والتكنولوجيا الحيوية.
قاد فريق البحث الدكتور لاي ليانجكسيو، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وكشف عن النتائج في الاجتماع السنوي للجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية الذي انعقد في هونغ كونغ في 12 يونيو 2025. وتأتي هذه الدراسة استكمالا لإنجاز سابق للفريق في زراعة كلى بشرية داخل أجنة خنازير استمرت حتى 28 يوما.
في هذه الدراسة، قام الباحثون بإعادة برمجة الخلايا الجذعية البشرية عبر إدخال جينات تمنع موت الخلايا وتحسن قدرتها على البقاء داخل الأجنة الحيوانية. ثم زرعوا هذه الخلايا المعدلة مسبقا في أجنة خنازير في مرحلة الكيسة الأريمية المبكرة، وهي المرحلة التي تبدأ فيها تشكل كرة الخلايا وتأسيس الأنسجة الأساسية.
وأوضح الباحثون أن الأجسام القلبية التي تكونت في الأجنة وصلت إلى حجم يعادل حجم طرف الإصبع، وهو الحجم الطبيعي للجنين البشري في هذه المرحلة، مع استمرارها في النبض بانتظام. كما استخدم الفريق مؤشرات حيوية مضيئة مخصصة لتتبع الخلايا البشرية، حيث أظهر الضوء تزامنا مع ضربات القلب، مما أكد اندماج الخلايا البشرية في تركيب القلب.
وأشار لاي ليانجكسيو إلى أن الأجنة لم تعش سوى 21 يوما فقط، وفسر ذلك بوجود احتمالية تعطل وظائف قلب الخنزير نتيجة لاندماج الخلايا البشرية، مما قد يؤثر على استمرار حياة الجنين.
تعد هذه التقنية ضمن توجه علمي يعرف باسم “الكيميرا البشرية-الحيوانية”، حيث يتم دمج خلايا بشرية مع أجنة حيوانية بهدف تطوير أعضاء بشرية يمكن استخدامها في زراعة الأعضاء مستقبلا، خصوصا في ظل أزمة نقص المتبرعين بالأعضاء.
يذكر أن فريق لاي حقق في سبتمبر 2023 إنجازا مماثلا بزراعة كلى بشرية في أجنة خنازير بنسبة خلايا بشرية تصل إلى 70%، ونشرت دراسته كقصة غلاف في مجلة Cell Stem Cell.
ومع ذلك، فإن مثل هذه الأبحاث تثير جدلا أخلاقيا واسعا، خاصة فيما يتعلق بمدى التحكم في تطور الخلايا البشرية داخل الأجنة الحيوانية، وتأثيرها على الوظائف الحيوية للأعضاء والحيوانات المضيفة.
في نفس المؤتمر، أعلن فريق بحثي من جامعة تكساس بقيادة شين شيلينج نجاحه في دمج خلايا بشرية في أمعاء وأدمغة وأكباد أجنة الفئران، عبر زراعة أعضاء مصغرة مشتقة من الخلايا الجذعية البشرية في أطباق ثقافية ثم إدخالها في أجنة الحيوانات، مع نسبة اندماج تصل إلى 10% في الأمعاء بعد الولادة.
وتعتبر الخنازير مناسبة لهذه الأبحاث نظرا لتشابه أجهزتها الحيوية مع الإنسان، ولكن التحدي الأساسي يكمن في رفض الجهاز المناعي للبشر للأعضاء الحيوانية، مما يجعل زراعة أعضاء بشرية في أجنة حيوانية حلا واعدا لتجاوز هذه العقبة.
على الصعيد التنظيمي، أصدرت الصين مؤخرا قواعد تنظم إجراء الأبحاث التي تدمج خلايا بشرية في أجنة حيوانية، مشددة على وجوب استخدام هذه الأساليب فقط عندما لا تتوفر طرق بديلة لحل القضايا البحثية.
خبراء دوليون، مثل هيروميتسو ناكاوتشي من جامعة ستانفورد، دعوا إلى المزيد من التحليل الدقيق لتأكيد الأصل البشري للخلايا في هذه التجارب، مشيرين إلى أهمية ضمان أن تكون الأعضاء المزروعة خالية من الخلايا الحيوانية بالكامل لتفادي مشاكل رفض المناعة في عمليات الزرع المستقبلية.
وفي تعليق نشرته مجلة “نيتشر” في 16 يونيو 2025، أكدت على أن مجال الكائنات الهجينة البشرية-الحيوانية يحمل إمكانات كبيرة لدراسة نمو الأنسجة البشرية وتطوير أعضاء قابلة للزراعة، لكنه يواجه تحديات أخلاقية وتقنية تتطلب المزيد من البحث والتنظيم.










