أعلنت حركة “حسم” الإرهابية، الذراع المسلح لجماعة الإخوان المسلمين، عن نيتها إعادة تفعيل أنشطتها الإرهابية في مصر، في تسجيل مرئي جديد أصدرته في الثالث من يوليو 2025، بالتزامن مع ذكرى بيان 3 يوليو 2013 الذي أسقط حكم الجماعة.
جاء البيان الجديد بعد سنوات من الكمون، حيث قررت الحركة التوقف عن العمل المسلح عام 2019 بعد نجاح الأجهزة الأمنية المصرية في تفكيك عدد كبير من خلاياها، مما اضطرها لاتخاذ قرار مؤقت بالتوقف عن العمل العسكري حتى إعادة ترتيب صفوفها.
دلالات التوقيت والسياق الإقليمي
يرى الخبراء أن توقيت الإعلان ليس عشوائياً، حيث اختارت الحركة الثالث من يوليو 2025، أي بعد 12 عاماً من ثورة المصريين على التنظيم وخلع محمد مرسي من السلطة.
كما يأتي هذا التطور في ظل التطورات الإقليمية المتلاحقة، خاصة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتطورات في سوريا، والتي شكلت محركاً لمجموعات العنف التي تبحث عن الفوضى وسط الحروب والصراعات.
يشير الخبراء، إلى أن ما حدث في سوريا قبل سبعة أشهر لعله كان دافعاً مهماً لعودة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها المسلح للعنف، خاصة مع وصول أحمد الشرع إلى قصر الشعب بعد قيادته لهيئة تحرير الشام.

التسجيل المرئي والتحضيرات
يؤكد الخبراء أن التسجيل المرئي الأخير للحركة يشير إلى أن فترة الكمون خلال السنوات الماضية قضتها الحركة في التدريب على الأعمال العسكرية والدورات التدريبية في فنون التواصل والتجنيد والاتصال الآمن.
ويرجح الباحثون أن الفيديو تم تصويره خارجياً، على الأرجح في سوريا.
التأسيس والهيكل التنظيمي
تُعرف حركة “حسم” رسمياً باسم “حركة سواعد مصر”، وهي إحدى المجموعات المسلحة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تأسست أوائل عام 2016. ظهرت الحركة لأول مرة في يوليو 2016 حين أعلنت مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق الدكتور علي جمعة.
أسس الحركة محمد كمال، عضو مكتب إرشاد التنظيم، الذي كان مسؤولاً عن اللجان النوعية داخل الجماعة. ويُعتبر علاء السماحي مؤسس الحركة، بينما يتولى يحيى موسى قيادة أجنحتها العسكرية.

التصنيفات الدولية
صُنفت حركة “حسم” كمنظمة إرهابية من قبل عدة دول ومنظمات دولية:
الولايات المتحدة: أدرجتها وزارة الخارجية الأميركية على قائمة الإرهاب في يناير 2018، وشددت العقوبات عليها في يناير 2021
المملكة المتحدة: حظرتها الحكومة البريطانية واعتبرتها منظمة إرهابية في ديسمبر 2017
مصر: مُدرجة على قوائم الكيانات الإرهابية منذ تأسيسها
سجل العمليات الإرهابية
العمليات البارزة (2016-2019)
نسبت النيابة المصرية لحركة “حسم” ارتكاب 17 عملية إرهابية استهدفت ضباط الجيش والشرطة ورجال الدين والقضاة. ومن أبرز العمليات:
2016:
16 يوليو: اغتيال رئيس مباحث مركز طامية بالفيوم
5 أغسطس: محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة
21 أغسطس: اغتيال ضابطين وإصابة 5 آخرين في كمين العجيزي بمدينة السادات
4 سبتمبر: تفجير عبوات ناسفة بنادي شرطة دمياط، أسفر عن إصابة 6 أفراد

2017:
1 يوليو: تفجير سفارة ميانمار في القاهرة انتقاماً من “حملة جيش ميانمار على مسلمي الروهينغا”
8 يوليو: اغتيال ضابط الأمن الوطني إبراهيم عزازي في محافظة القليوبية
2018:
24 يونيو: محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية عبر تفجير موكبه، أسفر عن مقتل ضابطين وإصابة 5 آخرين
2019:
5 أغسطس: استهدفت معهد الأورام بسيارة محملة بالمتفجرات، أسفر عن مقتل نحو 20 شخصاً وإصابة 47 آخرين
الضربات الأمنية والتفكيك
نجحت الأجهزة الأمنية المصرية في توجيه ضربات قاسية للحركة على مدار السنوات الماضية. ففي يناير 2022، تم توقيف حسام منوفي، أحد قيادات الحركة، على متن طائرة قادمة من السودان ومتجهة إلى تركيا، والذي كان متهماً بالمشاركة في تأسيس الحركة والتخطيط لعمليات استهداف قيادات من الشرطة والقضاء.
استطاعت قوات الأمن ضبط وتصفية عدد كبير من أعضاء الحركة، مما أدى إلى تفكيك العديد من الشبكات والخلايا التابعة لها، وهو ما دفع الحركة للتوقف عن نشاطها المسلح عام 2019.

السياق الأوسع: جماعة الإخوان والعنف
التاريخ الطويل للعنف
يُعتبر العنف جزءاً لا يتجزأ من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها. فقد مارست الجماعة العنف منذ المؤتمر الخامس الذي عقده مؤسسها حسن البنا عام 1938، والذي أعلن خلاله تحول الجماعة من جماعة دعوية إلى جماعة تمارس العمل السياسي.
قال البنا صراحة: “سوف نستخدم القوة حين لا يجدي غيرها”، وعلى خلفية هذا الإعلان تم إنشاء “النظام الخاص”، الجناح العسكري للجماعة، في عام 1939.
التنظيمات المسلحة الحديثة
بعد الإطاحة بحكم الجماعة عام 2013، أنشأت في عامي 2013 و2014 عدداً من المجموعات المسلحة والميليشيات مثل: حركة “سواعد مصر – حسم”،”لواء الثورة”،”حركة ضنك”،”المقاومة الشعبية”
رؤية الخبراء حول التهديد الحالي
يحذر الخبراء من أن الحركة لم تتوقف يوماً عن ممارسة العنف إيماناً منها بالسلميّة، بل إن قرارها بالتوقف عن العمل المسلح عام 2019 جاء بعد الضربات الأمنية الناجحة، وكان قراراً مؤقتاً لإعادة ترتيب الصفوف.
يرى الخبراء، أن هذا الفيديو الأخير رسالة تهديد لتحريك ملف المصالحة وإخراج المسجونين في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية.
التحديات المستقبلية
رغم نجاح مصر في تفكيك تنظيم الإخوان المسلمين سياسياً وإضعاف قدراته التنظيمية، إلا أن التنظيم ما يزال يحتفظ بخلايا وقدرة على استقطاب الشباب، ليس لقوة أفكاره بل بفضل قدراته المالية الواسعة ووجوده الإعلامي الفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.
يؤكد الخبراء أن المعركة ضد الإرهاب لا يجب أن تقتصر على التصدي للتنظيمات أمنياً، بل يجب أن تمتد لتفكيك الأفكار التي أسست لتطرفه، محذرين من أن استمرار تلك الأفكار سيجعل التنظيم قادراً على العودة في أي لحظة.










