أعلنت وزارة النقل المصرية عن إغلاق كلي مؤقت للطريق الدائري الإقليمي في الاتجاه القادم من تقاطع طريق الإسكندرية الصحراوي وحتى تقاطع طريق السويس الصحراوي، لمدة أسبوع كامل بدءاً من صباح الثلاثاء 8 يوليو 2025. يأتي هذا القرار في أعقاب سلسلة من الحوادث المروعة التي شهدها هذا الطريق خلال الأيام الماضية.
الحوادث المأساوية التي دفعت للقرار
شهد الطريق الدائري الإقليمي حادثين مأساويين متتاليين هزا الرأي العام المصري. الحادث الأول وقع في 5 يوليو 2025 في محافظة المنوفية، وأسفر عن مصرع 9 أشخاص وإصابة 11 آخرين نتيجة تصادم سيارتي ميكروباص. هذا الحادث جاء بعد أسبوع واحد فقط من حادث آخر أكثر مأساوية.
فقد شهد الطريق نفسه في 27 يونيو 2025 حادثاً مروعاً أودى بحياة 19 شخصاً، بينهم 18 فتاة من قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية، عُرفن إعلامياً باسم “فتيات العنب” لأنهن كن عائدات من العمل في جني محصول العنب. الحادث وقع عندما اصطدمت شاحنة نقل وقود بسيارة ميكروباص تقل الفتيات.
تفاصيل الحادث المأساوي والكشف عن أسبابه
كشفت التحقيقات تفاصيل صادمة حول حادث “فتيات العنب”. فقد أثبتت تحاليل العينات الطبية أن سائق الشاحنة كان تحت تأثير المخدرات وقت الحادث. وبحسب النيابة العامة المصرية، تجاوز قائد الشاحنة الحاجز الفاصل بين الاتجاهين مما أدى إلى الاصطدام المباشر بالميكروباص.
كما كشف وزير النقل كامل الوزير أن السائق لا يحمل رخصة قيادة، وأن الشاحنة ليست ملكه ولكنه كان يعمل سائقاً عليها. هذه التفاصيل سلطت الضوء على المشاكل العميقة في منظومة النقل والرقابة على الطرق المصرية.
التحرك الرئاسي والحكومي
استدعت هذه الحوادث المتكررة تدخلاً رئاسياً مباشراً. وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة بدراسة اتخاذ الإجراءات اللازمة لإغلاق الطريق الدائري الإقليمي في المناطق التي تشهد أعمال رفع الكفاءة والصيانة، مع وضع البدائل المناسبة والآمنة.
كما وجه الرئيس وزارة الداخلية بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين وتكثيف جهودها لفرض الانضباط والالتزام بالقانون على كافة الطرق، خاصة من حيث السرعة والحمولة.
جولة ميدانية وتقييم الخبراء
قام الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، بجولة ميدانية شاملة لتفقد الطريق الدائري الإقليمي. رافقه في الجولة خبراء من جامعات عين شمس والقاهرة والزقازيق، ومسؤولون من وزارتي النقل والداخلية.
أكد الخبراء الأكاديميون سلامة تصميم وتنفيذ الطريق وعدم وجود أي نقاط ضعف في التصميم أو التنفيذ تؤدي إلى وقوع حوادث. وأوضحوا أن الطريق تم البدء في تنفيذه عام 2012 والانتهاء من المرحلة الأولى عام 2013، واكتمل تنفيذه بالكامل عام 2018.
أسباب الحوادث وفقاً للخبراء
كشف الخبير المروري اللواء أحمد هشام أن 64% من مسببات الحوادث على الطرق تعود للعنصر البشري. وأشار إلى أن “الثقافة المرورية” لدى السائقين، ولا سيما سائقي النقل الثقيل والمقطورات، تظل العامل الحاسم في حوادث الطرق.
وأوضح أن أغلب سائقي الشاحنات يسعون لزيادة عدد الرحلات اليومية لتحقيق مكاسب مالية أكبر، متجاهلين الصيانة الدورية وضوابط السلامة. كما لفت إلى أن الإطارات المتهالكة والحمولات الزائدة كانت سبباً في الحوادث الأخيرة.
إجراءات السلامة والرقابة المكثفة
شنت وزارة الداخلية حملات مرورية مكثفة على الطريق الدائري الإقليمي. خلال 24 ساعة فقط، تم ضبط 744 مخالفة مرورية متنوعة، وفحص 355 سائقاً تبين أن 48 منهم يتعاطون المواد المخدرة.
كما تم ضبط 36 شخصاً مطلوباً في أحكام قضائية، والتحفظ على 7 سيارات لمخالفتها قوانين المرور. وعلى مستوى أوسع، أعلنت الإدارة العامة للمرور عن ضبط أكثر من 18 مليون مخالفة مرورية خلال النصف الأول من عام 2025.
خطة الصيانة والطرق البديلة
يهدف الإغلاق المؤقت إلى تدعيم وتحسين ورفع كفاءة وسائل التحكم المروري والسلامة المرورية، وصيانة التحويلات المؤقتة، وتكثيف العلامات الإرشادية والتحذيرية ومحددات السرعة.
أعلنت وزارة الداخلية عن طرق بديلة متعددة للمسافرين. فالقادم من طريق الإسكندرية الصحراوي يمكنه سلوك مطالع الطريق الإقليمي في اتجاه الواحات حتى تقاطعه مع طريق الضبعة، ثم الطريق الأوسطي في اتجاه القطامية حتى طريق السويس.










