أصدرت عشيرة الجعبري، إحدى أكبر وأبرز العشائر في مدينة الخليل، بيانًا رسميًا في 6 يوليو 2025، تبرأت فيه بشكل قاطع من أي دعوات أو محاولات للتطبيع مع إسرائيل. جاء هذا البيان ردًا على تقارير إعلامية زعمت أن شخصيات من الخليل تقترح إقامة “إمارة الخليل” منفصلة عن السلطة الفلسطينية مع الاعتراف بإسرائيل.
خلفية المبادرة المثيرة للجدل
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريرًا مطولاً كشف فيه عن رسالة رسمية وقّعها خمسة شيوخ من الخليل، بقيادة الشيخ وديع الجعبري (المعروف بـ أبو سند)، موجهة إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات. تضمنت الرسالة مقترحات جذرية تشمل:
الانفصال الكامل عن السلطة الفلسطينية
الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية
إقامة “إمارة الخليل” ككيان مستقل
الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم
وبحسب التقرير، اجتمع الشيوخ مع المسؤولين الإسرائيليين أكثر من عشر مرات منذ فبراير 2025، حيث تم بحث إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة تتجاوز مساحتها 1000 دونم، والسماح بدخول آلاف العمال من الخليل إلى السوق الإسرائيلي.
موقف عشيرة الجعبري الرسمي
ردت عشيرة الجعبري بحزم على هذه التقارير، مؤكدة في بيانها الرسمي أن وديع الجعبري ليس من سكان مدينة الخليل وإنما يقيم في مدينة القدس. وشددت العشيرة على عدة نقاط محورية:
براءة العائلة من المبادرة
أكدت العشيرة أن “هذه التصريحات لا تمثل بأي شكل من الأشكال موقف عائلة الجعبري العريقة، ولا تعبر عن إرادة أبنائها”. ووصفت ما ورد في الصحيفة الأمريكية بأنه “عارٍ عن الصحة، ولا يعكس الموقف الحقيقي للعائلة”.
التاريخ النضالي للعائلة
شددت العشيرة على أن العائلة “قدمت الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل القضية الفلسطينية”، وأنها “كانت وما زالت جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني الفلسطيني”.
الالتزام بالثوابت الوطنية
أكدت العائلة التزامها الكامل بـ”الثوابت الإسلامية والوطنية، وحقوق شعبنا الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني، وعاصمتها القدس الشريف”.
موقف عشائر الخليل الموحد
لم تكتف عشيرة الجعبري بإصدار بيان منفرد، بل انضمت إلى موقف جماعي من عشائر محافظة الخليل. أصدرت عشائر ووجهاء محافظة الخليل بيانًا رسميًا موقعًا باسم “عشائر محافظة الخليل”، أكدت فيه رفضها القاطع للمبادرة.
رفض مشاريع التقسيم
شددت العشائر على رفضها “لأي مشروع يعيد طرح روابط القرى في محافظة الخليل”، معتبرة أن هذا النموذج “سبق وأن جُرّب وفشل، وأنه يمثل محاولة لتفكيك الهوية الوطنية الفلسطينية وتمزيق وحدة الصف”.
السلطة الفلسطينية خط أحمر
أكدت العشائر أن “السلطة الوطنية الفلسطينية، بكامل مؤسساتها وأجهزتها الأمنية، هي ثمرة نضال وطني طويل”، ووصفتها بأنها “تمثل الإطار الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني”.
تفاصيل المبادرة المرفوضة
كشفت التقارير أن المبادرة المثيرة للجدل تضمنت عدة عناصر اقتصادية وسياسية:
الجانب الاقتصادي
السماح بدخول 1000 عامل من الخليل إلى إسرائيل كمرحلة أولى
زيادة العدد تدريجيًا إلى 5000 ثم 50 ألف عامل
إقامة منطقة صناعية مشتركة بين الخليل وإسرائيل
الجانب السياسي
اعتراف متبادل بين “إمارة الخليل” وإسرائيل
إلغاء اتفاقيات أوسلو واستبدالها بترتيب جديد
انتقاد شديد للسلطة الفلسطينية ووصفها بـ”الفاسدة”
ردود الفعل الشعبية والرسمية
أثارت المبادرة المزعومة موجة واسعة من الرفض والإدانة على مستويات مختلفة:
الرفض الشعبي
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة لرفض المبادرة، حيث اعتبرها النشطاء “محاولة لضرب الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
الموقف الرسمي الفلسطيني
اعتبرت مؤسسات فلسطينية رسمية أن المبادرة تهدف إلى “تفتيت النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني”.
التحليل السياسي
وصف محللون سياسيون المبادرة بأنها “محاولة إسرائيلية لإحياء مشروع روابط القرى بصيغة جديدة”، في إشارة إلى مشروع إسرائيلي سابق فشل في الثمانينات.
السياق التاريخي لعشيرة الجعبري
تُعتبر عشيرة الجعبري من أكبر وأعرق العشائر في مدينة الخليل، ولها تاريخ طويل في المقاومة والنضال الفلسطيني. وقد واجهت العائلة سابقًا محاولات مماثلة لاستغلال اسمها في مشاريع تطبيعية، حيث سبق أن تبرأت من أنشطة مشابهة قام بها أفراد منتسبون إليها.
أحداث سابقة مشابهة
في عام 2023، شهدت الخليل جدلاً حول “إفطار تطبيعي” نظمه أشرف الجعبري مع مستوطنين إسرائيليين، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا وتبرؤًا من العائلة.
الموقف الإسرائيلي من المبادرة
وفقًا للتقارير، أبدى وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات اهتمامًا بالمبادرة، معتبرًا أن “الوقت قد حان لأفكار جديدة بعد فشل عملية السلام التقليدية”. فيما أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعامل مع المبادرة بحذر، بينما يعارضها بعض قادة الأمن الإسرائيلي.
التداعيات والآثار
تُظهر هذه الحادثة عدة جوانب مهمة في المشهد الفلسطيني:
تماسك الموقف الوطني
أكد الرفض الواسع والموحد للمبادرة من قبل عشائر الخليل وعشيرة الجعبري على وجه الخصوص، تماسك الموقف الوطني الفلسطيني ورفض أي محاولات للتطبيع أو التقسيم.
فشل المحاولات الإسرائيلية
تُعتبر هذه المحاولة استمرارًا لمساعي إسرائيلية متكررة لإيجاد بدائل للسلطة الفلسطينية من خلال العشائر والقيادات المحلية، وهي محاولات واجهت الفشل تاريخيًا.
أهمية الخليل الاستراتيجية
تؤكد المحاولة على الأهمية الاستراتيجية لمدينة الخليل في الحسابات الإسرائيلية، باعتبارها أكبر مدن الضفة الغربية وذات ثقل ديموغرافي واقتصادي مهم.










