اشتعلت حرائق ضخمة في محافظة اللاذقية، غرب سوريا، مطلع يوليو 2025، في أول اختبار جدي لقدرة حكومة أحمد الشرع على إدارة الأزمات الطبيعية.
الحريق، الذي استمر لأكثر من أربعة أيام دون سيطرة كاملة، كشف عن عجز مؤسسات الدولة في مواجهة الكوارث، وسط اتهامات متزايدة من أوساط علوية بالتقاعس، بل وحتى “التآمر على الساحل السوري”.
حرائق خارج السيطرة ودعم خارجي محرج
اندلعت النيران في مناطق جبلية كثيفة الأشجار مثل جبل التركمان وريف اللاذقية الشمالي، وامتدت بسرعة بفعل الرياح العاتية والتضاريس الوعرة.
وقال عبد الكافي كيال، مدير الدفاع المدني في اللاذقية، إن “سرعة الرياح وصعوبة التضاريس جعلت مهمة فرق الإطفاء شبه مستحيلة”، مشيرا أيضا إلى وجود مخلفات حربية وألغام في بعض مناطق الحريق، ما زاد من تعقيد المهمة.
أمام عجز واضح في الإمكانات، اضطرت الحكومة السورية إلى طلب دعم خارجي من تركيا والأردن، في خطوة أثارت جدلا حول قدرة الدولة على تنفيذ وظائفها الأساسية، وعلى رأسها حماية المواطنين والمقدرات البيئية.
غضب شعبي وشكوك طائفية
الحرائق طالت مناطق يسكنها غالبية من الطائفة العلوية، وهو ما أثار تساؤلات حول دوافع التقاعس في الاستجابة.
وفي منشورات على منصة “إكس”، منها تغريدة من حساب @Holocaust144976، اتهمت الحكومة ضمنيا بتجاهل متعمد للحرائق في الجبال العلوية، حيث التهمت النيران غابات ومقامات دينية وتمتد من شطحة إلى مرداش.
ورغم عدم وجود دلائل قطعية على أن الحرائق “مفتعلة”، فإن شعورا عاما بالخذلان يسود بين السكان المحليين، خاصة بعد تسريح الحكومة الجديدة لعدد كبير من العاملين في قطاع الإطفاء والغابات، غالبيتهم من أبناء الطائفة العلوية، بحسب مصادر محلية.
الدولة في مواجهة تحديات الأمن والبنية
تواجه حكومة أحمد الشرع تحديات عميقة في فرض سيطرتها على كامل الأراضي السورية.
لا تزال هناك جماعات مسلحة خارجة عن السيطرة، كما أن ضعف البنية الأساسية، وغياب التخطيط الوقائي، فاقم من أزمة الحرائق. فبحسب خبراء بيئيين، تفتقر الغابات السورية إلى أبسط وسائل الحماية مثل خطوط فصل النيران وطرق داخلية للطوارئ، على الرغم من تكرار الحرائق سنويا.
خسائر بيئية واقتصادية.. ولا إصابات بشرية
حتى مساء 6 يوليو، لم يتم تسجيل إصابات بشرية مباشرة، باستثناء إصابة أحد رجال الإطفاء واحتراق مركبة خلال عمليات الإخماد.
إلا أن الخسائر البيئية جسيمة، حيث احترقت مساحات واسعة من الغابات والمناطق الزراعية، في منطقة تعد من أهم الأقاليم البيئية والثقافية في سوريا.
أزمة شرعية أم مجرد أزمة طوارئ؟
تمثل هذه الكارثة الطبيعية أكثر من مجرد حريق موسمي؛ فهي اختبار لشرعية السلطة الجديدة وقدرتها على الحكم. فالعجز في الاستجابة، والتأخر في الإطفاء، والاعتماد على الدعم الخارجي، كلها عوامل تقوض الخطاب الرسمي القائم على “بناء دولة فعالة وحديثة”.










