خبير البنك الدولي السابق فالنتين كاتاسونوف يتوقع اختفاء إسرائيل قريباً ويحلل العلاقة الاقتصادية الأمريكية-الإسرائيلية
الخبير الاقتصادي الروسي البارز يكشف في برنامج “قصارى القول” عن نظريته حول الدورات التاريخية للدول وتطبيقها على إسرائيل، مؤكداً أن الكيان الصهيوني يعيش أيامه الأخيرة
كاتاسونوف يرسم سيناريو زوال إسرائيل في برنامج “قصارى القول”
كشف الخبير الاقتصادي الروسي فالنتين كاتاسونوف، السابق في البنك الدولي، عن رؤيته حول مستقبل دولة إسرائيل ومصيرها المحتوم، خلال حديثه في برنامج “قصارى القول” مع المذيع سلام مسافر على قناة RT عربية. وأوضح كاتاسونوف أن إسرائيل قد تختفي قريباً بناءً على عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية متداخلة، مؤكداً على الدور المحوري للعلاقة الاقتصادية بين إسرائيل والولايات المتحدة في تحديد مصير الكيان الصهيوني.
وقال الدكتور كاتاسونوف خلال المقابلة: “يمكن اعتبار فترة الثمانين عاماً حداً أقصى لدولة مستقرة”، مشيراً إلى أن مثل هذه الدورات تحدث في دول أخرى، “فعلى سبيل المثال، كان الاتحاد السوفيتي موجوداً لمدة 80 عاماً قبل أن ينهار، أما بالنسبة لإسرائيل، التي أُسست العام 1948، فإنها تعيش الآن فعليًا أيامها الأخيرة”.
من هو فالنتين كاتاسونوف؟
فالنتين يورييفيتش كاتاسونوف هو عالم اقتصاد روسي بارز، وُلد في 5 أبريل 1950، ويُعتبر من أبرز المتخصصين في الاقتصاد البيئي والعلاقات النقدية الدولية والبنوك والذهب في التمويل العالمي. تخرج من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية بوزارة الخارجية في الاتحاد السوفيتي، متخصصاً في الاقتصاد في التجارة الخارجية.
وفي عام 1976، دافع عن أطروحته بعنوان “تنظيم احتكار الدولة لحماية البيئة في الولايات المتحدة”، بينما دافع عن أطروحة الدكتوراه في عام 1991 بعنوان “ملامح تدويل الحياة الاقتصادية في ظروف تفاقم الوضع البيئي العالمي”. عمل كاتاسونوف كبروفيسور في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية حتى تقاعده في 2018، وكان مسؤولاً عن المشاريع الروسية لدى البنك الدولي سابقاً.
نظرية الثمانين عاماً وانهيار الدول
استند كاتاسونوف في تحليله إلى نظرية الدورات التاريخية للدول، مؤكداً أن معظم الدول تواجه أزمات وجودية بعد حوالي 80 عاماً من تأسيسها. وأشار إلى أن هذه النظرية تنطبق على حالات تاريخية عديدة، مثل انهيار الاتحاد السوفيتي الذي استمر حوالي 80 عاماً، من 1917 حتى 1991.
وفي سياق إسرائيل، التي تأسست عام 1948، فإن حساب الثمانين عاماً يضع نهايتها المحتملة حوالي عام 2028، مما يعني أنها دخلت فعلياً في مرحلة الأزمة الوجودية النهائية. وقد أوضح كاتاسونوف أن هذا التوقيت يتزامن مع تراكم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها إسرائيل حالياً.
التحديات الاقتصادية والديموغرافية لإسرائيل
أشار الخبير الروسي إلى عدة عوامل تساهم في تسريع انهيار إسرائيل:
الهجرة العكسية وهروب الكفاءات
تشهد إسرائيل حالياً موجة هجرة عكسية للكفاءات العلمية والتقنية، خاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة. ووفقاً لدراسات حديثة، فإن العديد من الإسرائيليين ذوي المهارات العالية يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة، مما يضعف البنية الاقتصادية للدولة.
الأزمة الديموغرافية
تواجه إسرائيل تحدياً ديموغرافياً خطيراً يتمثل في تراجع معدلات الإنجاب في المجتمع اليهودي العلماني، مقابل ارتفاعها في المجتمع العربي الفلسطيني. هذا التحول الديموغرافي يهدد “يهودية الدولة” كما يسميها الصهاينة.
الانقسامات الاجتماعية العميقة
أكد كاتاسونوف على وجود انقسامات حادة داخل المجتمع الإسرائيلي بين التيارات العلمانية والدينية، وبين الأشكناز والسفارديم، وبين المستوطنين وسكان المدن. هذه الانقسامات تضعف النسيج الاجتماعي وتهدد استقرار الدولة.
العلاقة الاقتصادية الأمريكية-الإسرائيلية ودورها في البقاء
اللوبي الصهيوني والنفوذ المالي
حلل كاتاسونوف طبيعة العلاقة المعقدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، مؤكداً أن هذه العلاقة تقوم أساساً على النفوذ المالي والاقتصادي للوبي الصهيوني في أمريكا. وأشار إلى أن اللوبي الصهيوني يسيطر على مفاصل مهمة في الاقتصاد الأمريكي، من خلال البنوك الكبرى وشركات الاستثمار ووسائل الإعلام.
ووفقاً لتحليل كاتاسونوف، فإن قوة اللوبي الصهيوني تستند إلى عوامل تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر، عندما أسست عائلات يهودية مثل آل روتشيلد إمبراطوريات مالية ضخمة سيطرت على النظام المصرفي الأوروبي والأمريكي.
الدعم المالي الأمريكي كشريان حياة
أوضح الخبير الروسي أن إسرائيل تعتمد بشكل أساسي على الدعم المالي والعسكري الأمريكي، والذي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً. وقال إن “لولا الدعم الغربي اللامحدود لكانت إسرائيل انهارت وتفككت” منذ فترة طويلة.
وأشار كاتاسونوف إلى أن هذا الدعم ليس مجانياً، بل يأتي مقابل خدمات استراتيجية تقدمها إسرائيل للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك حماية المصالح الأمريكية وضمان تدفق النفط.
مشروع “إسرائيل الكبرى” والطموحات التوسعية
الرؤية التوراتية للحدود
كشف كاتاسونوف عن الطموحات التوسعية الحقيقية لإسرائيل، مؤكداً أن “مفسري التوراة يؤمنون بالمستقبل الواعد لإسرائيل الحديثة بحدودها التي تتعدى من النيل إلى الفرات، بل تصل إلى إيران أيضاً”. وأوضح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يذكر ذلك أيضاً ولكن خلف الأبواب المغلقة.
وأضاف: “يعتبر المفسرون أن إيران جزءاً من إسرائيل الكبرى، وبالتالي، يجب على الدول المجاورة أن تستعد لصد أي اعتداءات محتملة من إسرائيل”. وهذا ما يفسر السياسة العدوانية الحالية لإسرائيل تجاه دول المنطقة.
النموذج التاريخي لدولة داود وسليمان
استشهد كاتاسونوف بالنموذج التاريخي القديم، مؤكداً أن “أبرز تجليات الدولة اليهودية كانت في زمن الملك داود، وبعد الملك سليمان دبت الفوضى في إسرائيل وانقسمت الدولة الموحدة إلى ممالك شمالية وجنوبية”. وهذا النموذج التاريخي، برأيه، يتكرر حالياً مع إسرائيل الحديثة.
العوامل الداخلية لانهيار إسرائيل
الفساد السياسي والأزمة القيادية
أشار كاتاسونوف إلى أن النخبة السياسية الإسرائيلية تواجه أزمة ثقة حادة، خاصة مع استمرار قضايا الفساد ضد نتنياهو وغيره من القادة. هذه الأزمة تؤثر على شرعية النظام السياسي وقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية مهمة.
التكلفة الاقتصادية للحروب المستمرة
أوضح الخبير الروسي أن التكلفة الاقتصادية الهائلة للحروب المستمرة التي تخوضها إسرائيل تستنزف موارد الدولة وتضعف اقتصادها. وقال إن “لا توجد دولة في التاريخ تمكنت من الاستمرار ولها مثل كل هذه العداءات الإقليمية والدولية”.
أزمة الهوية والصراع الداخلي
كشف كاتاسونوف عن أزمة هوية عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يدور صراع حاد بين النموذج العلماني الديمقراطي والنموذج الديني المتطرف. وهذا الصراع، برأيه، يهدد الأسس الفكرية للدولة ويقود إلى تفكك اجتماعي خطير.
التحولات الجيوسياسية والبيئة الإقليمية المتغيرة
صعود القوى الآسيوية
أكد كاتاسونوف على أهمية التحولات الجيوسياسية العالمية، خاصة صعود القوى الآسيوية مثل الصين والهند، والتي تغير من موازين القوى العالمية. هذه التغيرات تقلل من الهيمنة الأمريكية الغربية، مما يضعف الحماية الدولية لإسرائيل.
التحالفات الإقليمية الجديدة
أشار إلى تشكل تحالفات إقليمية جديدة تقودها دول مثل إيران وروسيا والصين، والتي تشكل تحدياً استراتيجياً لإسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة. هذه التحالفات تغير من طبيعة الصراع وتجعل موقف إسرائيل أكثر صعوبة.
تراجع النفوذ الأمريكي
حلل كاتاسونوف تراجع النفوذ الأمريكي العالمي، مؤكداً أن هذا التراجع ينعكس مباشرة على قدرة أمريكا على حماية حلفائها، وعلى رأسهم إسرائيل. وقال إن “الولايات المتحدة نفسها تواجه أزمات اقتصادية وسياسية داخلية” تحد من قدرتها على الالتزام بحماية إسرائيل.
نظريات كاتاسونوف حول الرأسمالية والنظام المالي العالمي
نقد النظام الرأسمالي المعاصر
يُعرف كاتاسونوف بانتقاداته الحادة للنظام الرأسمالي المعاصر، والذي يصفه في كتابه الشهير “من العبودية إلى العبودية” بأنه نظام يحول البشر إلى “عبيد اقتصاديين”. ويؤكد أن “العبودية المعاصرة هي مفهوم متعدد الأبعاد”، يشمل العبودية الاقتصادية والفكرية والروحية.
دور اللوبي المالي في السيطرة العالمية
في كتابه “استعباد العالم: نهب على الطريقة اليهودية”، يحلل كاتاسونوف دور السلالات المصرفية الكبرى، وعلى رأسها سلالة آل روتشيلد، في وضع “مذهب مالي عالمي” يهدف إلى السيطرة على الاقتصاد العالمي.
ويؤكد أن هذه السلالات “وضعت منذ زمن بعيد مذهباً مالياً عالمياً خاصاً بها”، وأنها تعمل على إبقاء الدول “مجرد ملحق بالحضارة الغربية يرفدها بالمال وبالمواد الخام”.
التوقعات المستقبلية وسيناريوهات الانهيار
السيناريو الأكثر احتمالاً
يرى كاتاسونوف أن السيناريو الأكثر احتمالاً هو انهيار إسرائيل من الداخل نتيجة تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وقال إن هذا الانهيار قد يأخذ شكل “تفكك تدريجي” بدلاً من انهيار مفاجئ.
العوامل المحفزة للانهيار
حدد الخبير الروسي عدة عوامل قد تحفز الانهيار:
- استمرار الحروب الإقليمية وارتفاع تكلفتها
- تزايد الهجرة العكسية للكفاءات العلمية والتقنية
- تراجع الدعم الأمريكي نتيجة تغير الأولويات الاستراتيجية
- تفاقم الانقسامات الداخلية بين مكونات المجتمع الإسرائيلي
- تشكل تحالفات إقليمية معادية لإسرائيل
التوقيت المحتمل
بناءً على نظرية الثمانين عاماً، يتوقع كاتاسونوف أن تواجه إسرائيل أزمة وجودية حاسمة بين عامي 2025 و2030. وأكد أن هذا التوقيت ليس تنبؤاً دقيقاً، بل تحليل قائم على دراسة الدورات التاريخية للدول المشابهة.










