تشهد إيران خلال الأيام المقبلة محطة دستورية مهمة، مع انتهاء عضوية ستة من أعضاء مجلس صيانة الدستور، المؤسسة الدستورية المحورية التي تؤدي دورا حاسما في ضمان التزام القوانين بالدستور وأحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك في الإشراف على الانتخابات وتفسير الدستور.
انتهاء عضوية 6 أعضاء في يوليو 2025
بمناسبة الذكرى الـ45 لتأسيس مجلس صيانة الدستور، التي تصادف 16 يوليو/تموز الجاري، ستنتهي ولاية ثلاثة من الفقهاء وثلاثة من المحامين (الأعضاء القانونيين)، والتي تمتد لست سنوات وفقا للمادة 92 من الدستور الإيراني.
ومن بين الأعضاء الذين ستنتهي عضويتهم، الفقهاء آية الله علي رضا أعرافي (تم تعيينه بمرسوم من المرشد الأعلى في 14 يوليو 2019)، وآية الله سيد أحمد خاتمي (خلف آية الله محمد يزدي بعد استقالته عام 2020)، وآية الله سيد أحمد حسيني خراساني (خلف آية الله صادق آملي لاريجاني بعد استقالته في 2021)
أما الأعضاء القانونيون فهم هادي طحان نظيف، ومحمد حسن صادقي مقدم، وغلام رضا مولابيغي.
وقد تم انتخابهم جميعا في عام 2019 من قبل البرلمان الإيراني ، بعد ترشيحهم من قبل رئيس السلطة القضائية، باستثناء مولابيغي الذي عين لاحقا خلفا لمحمد دهقان.
آلية التجديد: مراسيم وقرارات منتظرة
وفقا للدستور الإيراني، يتم تعيين الفقهاء الستة من قبل قائد الثورة الإسلامية، فيما يتم ترشيح 6 محامين مؤهلين من قبل رئيس السلطة القضائية، ليقوم البرلمان الإيراني بانتخاب ثلاثة منهم.
وفي هذا السياق، ينتظر صدور مراسيم جديدة من المرشد الإيراني علي خامنئي لتجديد أو تغيير عضوية الفقهاء، إلى جانب تقديم رئيس السلطة القضائية قائمة جديدة تضم 6 مرشحين قانونيين، سيختار البرلمان منهم 3 أعضاء عبر التصويت.
ورغم عدم وجود مانع دستوري يمنع إعادة تعيين الأعضاء المنتهية ولايتهم، فإن القرارات المقبلة ستكشف ما إذا كان النظام يعتزم الإبقاء على التوازن القائم داخل المجلس أو إجراء تغييرات لتعزيز الاتجاه المحافظ بشكل أوسع.
مجلس بصلاحيات دستورية استثنائية
يعد مجلس صيانة الدستور من المؤسسات الأشد تأثيرا في النظام الإيراني، وتنبع أهميته من تعدد أدواره، ومنها مراقبة مدى تطابق القوانين مع الشريعة والدستور (المادتان 4 و72)، والإشراف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات مجلس الخبراء (المادتان 99 و118)، وتفسير مواد الدستور (المادة 98)
وذكلك المشاركة المؤقتة في القيادة في حال غياب أو وفاة المرشد الأعلى (المادة 111)
كما يعتبر المجلس شرطا لشرعية البرلمان الإيراني نفسه، حيث لا يكون للبرلمان سلطة تشريعية من دون مصادقة المجلس، باستثناء بعض الحالات المحددة.
خلفية دستورية وهيكلية
يتألف المجلس من 12 عضوا (6 فقهاء “رجال دين” + 6 محامين)، وتتم مراعاة توازن دقيق بين الخبرة الفقهية والتأهيل القانوني لضمان الأداء المؤسسي.
وتتيح نصوص الدستور للسلطات السياسية توظيف هذه التعيينات كأداة لترسيخ النفوذ داخل المؤسسة التشريعية والرقابية، خاصة أن المجلس يلعب دورا رئيسيا في البت بأهلية المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وفق قانون صادق عليه عام 1980.
احتمالات وتوقعات المرحلة المقبلة
مع قرب الانتخابات التشريعية أو الرئاسية المقبلة، ومع التوترات الإقليمية والداخلية، تكتسب التعيينات الجديدة داخل مجلس صيانة الدستور أهمية استثنائية، خصوصا إذا كانت هناك نية لدى القيادة لتكريس مزيد من الانضباط المحافظ، أو ربما فتح هامش محدود أمام التجديد.
وسواء تم التجديد للأعضاء المنتهية ولايتهم أو استبدالهم بوجوه جديدة، فإن شكل المجلس في المرحلة المقبلة سيكون له أثر مباشر على رسم المشهد السياسي والقانوني الإيراني، وتحديد ملامح التوازنات بين مختلف السلطات.










