اجتماع أمني رفيع المستوى بالقاهرة: مصر وليبيا والسودان تعمق التعاون لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة
استضافت العاصمة المصرية القاهرة الأربعاء 9 يوليو 2025 اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى ضم مسؤولين كبار من مصر وليبيا والسودان لتبادل الرؤى حول التحديات والتطورات الأمنية في المنطقة وتعزيز التنسيق والتعاون المشترك للحفاظ على الأمن القومي للدول الثلاث.
اجتماع استراتيجي يؤكد التزام الدول الثلاث بالأمن الإقليمي
أكد الاجتماع الثلاثي على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الدول الثلاث للحفاظ على الأمن القومي، مع التأكيد على الحرص على إعلاء المصالح العليا لشعوب الدول الثلاث. وأعربت مصر خلال الاجتماع عن خالص تقديرها وشكرها للسودان وليبيا قيادة وحكومة وشعباً على جهود تعميق الروابط والتكامل بما يحقق الاستقرار والازدهار.
ويأتي هذا الاجتماع في ظل تصاعد التحديات الأمنية في منطقة المثلث الحدودي الاستراتيجي بين الدول الثلاث، حيث شهدت المنطقة توتراً أمنياً كبيراً في الأشهر الأخيرة مع سيطرة قوات الدعم السريع السودانية على المثلث الحدودي في يونيو 2025.
التحديات الأمنية المشتركة في المنطقة
تواجه الدول الثلاث تحديات أمنية مشتركة عديدة تتطلب تنسيقاً وثيقاً للتعامل معها بفعالية. فمنذ انهيار النظام الليبي عام 2011، تحولت ليبيا إلى نقطة عبور رئيسية للهجرة غير الشرعية وتهريب الأسلحة، حيث تشير التقارير إلى أن عدد المهاجرين غير النظاميين من مصر إلى ليبيا بلغ 144,543 مهاجراً.
وتعمل شبكات التهريب المنظمة عبر ثلاث طرق رئيسية للعبور من مصر إلى ليبيا: الطريق الأول من منطقة السلوم إلى البردية وأم سعد الليبيتين، والطريق الثاني من واحة سيوة إلى الجغبوب الليبية، والطريق الثالث الأصعب عند جبل العوينات حيث يلتقي مهاجرون من مصر والسودان.
الجهود المصرية لتأمين الحدود
أكدت مصر مراراً أن استقرار ليبيا والسودان يُعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وهو ما دفعها لتكثيف جهودها الأمنية والدبلوماسية لمواجهة التحديات في المنطقة. وأعلنت السلطات المصرية مؤخراً تفكيك شبكة إجرامية منظمة تخصصت في تهريب الشباب إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية.
وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن الملف الليبي يمثل أولوية للأمن القومي المصري كدولة جوار مباشر، مؤكداً دعم مصر للجهود الأممية من أجل إطلاق عملية سياسية لتسوية الأزمة في ليبيا.
التنسيق الأمني المصري-الليبي المكثف
شهدت العلاقات الأمنية بين مصر وليبيا تطوراً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث عقد مسؤولون من البلدين مباحثات حول الأزمة الليبية والأمن القومي للبلدين الجارين في لقاءات متعددة. وتناولت هذه المباحثات الجهود الرامية لدفع الحل السياسي في ليبيا والتطورات المتعلقة بالمساعي الحثيثة لتحقيق الاستقرار.
وفي يونيو 2025، استقبل رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية صدام خليفة حفتر رئيس أركان القوات البرية بالجيش الليبي، حيث تناولت المباحثات ضرورة تنسيق الرؤى وتضافر الجهود المشتركة نحو تأمين الحدود والحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية.
العلاقات المصرية-السودانية الاستراتيجية
تُعد العلاقات المصرية-السودانية نموذجاً للترابط والتعاون، حيث تؤكد مصر باستمرار أن استقرار السودان وأمنه جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي. وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً كبيراً ونقلة نوعية منذ عام 2014، حيث تم تصعيد اللجنة العليا المشتركة إلى المستوى الرئاسي وفتح معبر أشكيت-قسطل الحدودي.
وفي ظل الأزمة السودانية الراهنة، تواصل مصر جهودها لدعم استقرار السودان، حيث أجرى وزير الخارجية المصري اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية جنوب السودان في يوليو 2025، أكد خلاله اهتمام مصر البالغ بأمن واستقرار جنوب السودان ومصالح البلدين الاستراتيجية.
مكافحة الإرهاب والأنشطة الإجرامية
تشكل مكافحة الإرهاب والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود محوراً أساسياً في التعاون الأمني بين الدول الثلاث. وأعلن الجيش الوطني الليبي مؤخراً إحباط محاولة تهريب أسلحة عبر الحدود المشتركة مع مصر والسودان، حيث تمكنت قوات الأمن من ضبط سيارات محملة بكميات من الأسلحة والذخائر.
كما أعلنت سلطات شرق ليبيا عن ضبط 75 مهاجراً غير نظامي بعد مطاردة واسعة في منطقة العوينات، مع فرار عدد آخر من السيارات إلى داخل الأراضي السودانية، مما يبرز التحديات الأمنية المعقدة في هذه المنطقة الاستراتيجية.
التعاون الدولي والإقليمي
يأتي الاجتماع الثلاثي في إطار جهود إقليمية ودولية أوسع لمعالجة التحديات الأمنية في المنطقة. وقد تناولت مباحثات بين مصر والولايات المتحدة في يونيو 2025 ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في السودان وتفكيك الميليشيات الليبية، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في ليبيا.
وشدد وزير الخارجية المصري على موقف بلاده الثابت والداعم للسودان وأهمية الحفاظ على وحدة واستقرار مؤسساته الوطنية وسيادته وسلامة أراضيه، مؤكداً حرص مصر على التفاعل الإيجابي مع مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
أهمية المثلث الحدودي الاستراتيجية
تُعد منطقة المثلث الحدودي نقطة التقاء محورية واستراتيجية بين السودان ومصر وليبيا عند جبل العوينات، وتمثل أهمية أمنية واقتصادية عالية للدول الثلاث. وقد شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة تحديات أمنية متعددة تشمل تهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود.
وفي يونيو 2025، سيطرت قوات الدعم السريع السودانية على المثلث الحدودي بعد انسحاب الجيش السوداني من المنطقة، مما أدى إلى نزوح أكثر من 5 آلاف سوداني عبر المثلث الحدودي مع مصر وليبيا، وهو ما يؤكد الحاجة الملحة لتنسيق الجهود الأمنية بين الدول الثلاث.










