في تطور مثير للجدل، كشفت تقارير إعلامية أمريكية يوم،، أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي قد فتح تحقيقات جنائية مع المدير السابق لمكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون برينان. وتتعلق هذه التحقيقات بمزاعم ارتكاب مخالفات متعلقة بتحقيق ترامب-روسيا الأصلي الذي أجري في الفترة من 2016 إلى 2017.
تفاصيل التحقيق والمزاعم
حسب مصادر في وزارة العدل الأمريكية، فإن التحقيقات الجنائية تتعلق بـ”انتهاكات محتملة للمسؤولين السابقين أثناء التحقيقات في صلات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزعومة بروسيا”. وتشمل الاتهامات المحتملة تقديم إفادات كاذبة للكونغرس الأمريكي والحنث باليمين.
أشارت المصادر إلى أن جون راتكليف، المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية، قد أحال أدلة بشأن الانتهاكات المحتملة من جانب برينان إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كاش باتيل لإجراء تحقيق محتمل. وتصف المصادر نظرة مكتب التحقيقات الفدرالي لدور كومي وبرينان خلال تحقيق ترامب-روسيا بأنها “تآمر”.
السياق التاريخي لتحقيق كروس فاير هوريكان
يعود أصل هذه التحقيقات إلى عملية “كروس فاير هوريكان” (Crossfire Hurricane)، وهو الاسم الرمزي للتحقيق الاستخباراتي المضاد الذي أجراه مكتب التحقيقات الفدرالي من 31 يوليو 2016 إلى 17 مايو 2017. هدف التحقيق كان دراسة الروابط بين حملة دونالد ترامب الرئاسية وروسيا، وما إذا كان أفراد مرتبطون بحملته يتعاونون مع الجهود الروسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
تم نقل عمل مكتب التحقيقات الفدرالي في 17 مايو 2017 إلى تحقيق المستشار الخاص الذي استمر من 2017 إلى 2019، وأسفر في النهاية عن تقرير مولر. خلص مولر إلى أن التدخل الروسي حدث بشكل “واسع ومنهجي”، وأن هناك روابط كبيرة بين الروس وحملة ترامب، لكن الأدلة المتاحة لم تثبت أن حملة ترامب “تآمرت أو تنسقت” مع الحكومة الروسية.
ملف ستيل والجدل حول الإدراج
تركز الاتهامات الموجهة لبرينان بشكل خاص على دوره في إدراج ملف ستيل (Steele Dossier) في التقييم الاستخباراتي المجتمعي لعام 2017. وفقاً لتقرير CIA المُرفع عنه السرية مؤخراً، فإن برينان أصر على إدراج الملف المثير للجدل رغم المعارضة القوية من خبراء روسيا الأكثر كبار في CIA، الذين قالوا إنه “لم يُلبِ حتى أبسط معايير الحرف”.
في إيميل مكتوب، أكد برينان موقفه بقوله: “خلاصة القول أنني أؤمن بأن المعلومات تستحق الإدراج في التقرير”. وحذر مسؤول آخر في CIA من أن إدراج الملف قد يعرض “مصداقية الورقة بأكملها” للخطر.
الاتهامات المحتملة ضد برينان
تتمحور الاتهامات ضد جون برينان حول تناقضات محتملة بين شهادته أمام الكونغرس وأفعاله الفعلية. في شهادته أمام الكونغرس في مايو 2017، أكد برينان أن ملف ستيل “لم يكن جزءاً من الأدلة الاستخباراتية التي اعتمدنا عليها. لم يُستخدم بأي شكل كأساس للتقييم الاستخباراتي المجتمعي”.
لكن الوثائق المرفوعة عنها السرية حديثاً تُظهر أن ملف ستيل قد تم إدراجه فعلاً في التقييم الاستخباراتي المجتمعي، ليس فقط في الملحق بل أيضاً في المتن الرئيسي للتقرير. هذا التناقض قد يُعرض برينان لاتهامات الحنث باليمين أو تقديم إفادات كاذبة للكونغرس.
التحقيق مع جيمس كومي
بالنسبة لـجيمس كومي، فإن طبيعة التحقيق معه أقل وضوحاً من التحقيق مع برينان. كان كومي المدير السابع لمكتب التحقيقات الفدرالي من عام 2013 حتى إقالته في مايو 2017. خلال فترة ولايته، تولى الإشراف على تحقيق المكتب في قضية البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون وتحقيق كروس فاير هوريكان.
أقال الرئيس دونالد ترامب كومي من منصبه في 9 مايو 2017، وأشارت تصريحات من ترامب والبيت الأبيض إلى أن الإقالة جاءت لتخفيف “الضغط” الناتج عن تحقيق مولر. وفي وقت لاحق، قام كومي بترتيب تسريب مذكرة كتبها بعد اجتماع خاص جمعه بترامب، مما أدى إلى تعيين مولر مستشاراً خاصاً.
الشخصيات الرئيسية في التحقيق الحالي
كاش باتيل – المدير الحالي لمكتب التحقيقات الفدرالي
كاش باتيل هو المدير التاسع لمكتب التحقيقات الفدرالي، الذي تولى منصبه في 20 فبراير 2025. وُلد في 25 فبراير 1980، وهو محامٍ أمريكي ومدع فدرالي سابق. بدأ مسيرته المهنية كمدافع عام في فلوريدا، ثم عمل مدعياً فدرالياً في قسم الأمن القومي بوزارة العدل تحت إدارة أوباما.
جون راتكليف – المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية
جون لي راتكليف هو المدير التاسع لوكالة الاستخبارات المركزية منذ 2025. وُلد في 20 أكتوبر 1965، وهو سياسي ومحام أمريكي خدم سابقاً كمدير الاستخبارات القومية السادس من 2020 إلى 2021. خلال فترة عمله في الكونغرس، كان راتكليف من أشد المؤيدين لانتقادات ترامب للتحقيقات في التدخل الروسي في انتخابات 2016.
ردود الفعل والتداعيات السياسية
لم تصدر وزارة العدل أو مكتب التحقيقات الفدرالي أو وكالة الاستخبارات المركزية أي تعليق فوري على التقارير. كما لم تتحقق الوكالات بشكل مستقل من صحة التحقيقات.
يأتي هذا التطور في إطار جهود أوسع من قبل ترامب وحلفائه المقربين، الذين يشغلون الآن مناصب مهمة في الوكالات الحكومية، لإعادة تقييم تحقيق روسيا المغلق منذ فترة طويلة. هذا التحقيق، الذي أدى إلى اتهامات جنائية وخيم على جزء كبير من فترة ترامب الأولى، ترك مظالم مستمرة وعمق عدم ثقة الرئيس السابق في المجتمع الاستخباراتي.
النتائج المحتملة والتحديات القانونية
من الناحية القانونية، قد تكون مقاضاة كومي وبرينان صعبة، خاصة بعد قرار المحكمة العليا الأخير بشأن التهديدات، وفي ظل نظام قضائي وسع نطاق حقوق حرية التعبير في السنوات الأخيرة. كما أن كبار المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين نادراً ما يتم محاكمتهم لتضليل الجمهور.
مع ذلك، فإن فتح تحقيقات جنائية رسمية يمثل تطوراً مهماً، خاصة أنه يأتي في ظل إدارة ترامب الثانية التي تسعى إلى “المحاسبة” على ما تراه انتهاكات من قبل المسؤولين السابقين.
السياق الأوسع والتأثير على المؤسسات
تأتي هذه التحقيقات في وقت يشهد فيه مكتب التحقيقات الفدرالي تغييرات جوهرية وإقالات واسعة. منذ تولي ترامب منصبه، تم إجبار رئيس مكتب واشنطن الميداني – الذي أشرف على تحقيق 6 يناير الواسع – على التنحي، إلى جانب ستة من كبار المسؤولين التنفيذيين في المكتب ورؤساء عدة مكاتب ميدانية حول البلاد.
كما تشهد وكالة الاستخبارات المركزية تغييرات مماثلة، حيث قدمت الوكالة في أوائل فبراير عروضاً للموظفين مقابل الاستقالة الطوعية. وفي أوائل فبراير أيضاً، امتثلت الوكالة لأمر تنفيذي من ترامب بإرسال إيميل غير مصنف إلى البيت الأبيض يحدد الأسماء الأولى والأحرف الأولى للألقاب لجميع الموظفين الذين تم توظيفهم في العامين الماضيين.










