كشفت منظمة “ئاران لتنمية الثقافة المدنية” عن معلومات صادمة تتعلق بالوضع الصحي المتدهور في إقليم كردستان والعراق، مشيرة إلى انتشار المراكز الصحية غير المرخصة وتداول واسع للأدوية المغشوشة والمهربة، في ظاهرة خطيرة ترتبط بنشاطات ميليشيات إقليمية تستغل القطاع الصحي لتحقيق مكاسب مالية ضخمة على حساب صحة وحياة المواطنين.
تفاصيل صادمة من مؤتمر صحفي في السليمانية
أوضح هژار بابان، رئيس منظمة “ئاران لتنمية الثقافة المدنية”، خلال مؤتمر صحفي عقده في السليمانية، أن عدد المراكز الصحية الأهلية في إقليم كردستان بلغ 241 مركزاً، معظمها يعتمد على كوادر أجنبية تفتقر إلى الشهادات الطبية أو تراخيص مزاولة المهنة.
وأضاف بابان أن الإقليم يخسر سنوياً أكثر من 168 مليون دولار نتيجة لهذه المراكز غير القانونية، حيث يضطر المواطنون لزيارتها بسبب ضعف البنية الصحية العامة ونقص الأطباء المحليين المتخصصين. وأشار إلى أن حوالي 75% من سكان الإقليم يعتمدون على هذه المراكز في الحصول على خدماتهم الصحية.
شبكات منظمة لتهريب الأدوية المغشوشة
دور الميليشيات في تجارة الموت الصامت
حذرت المنظمة من أن سوق الأدوية في كردستان والعراق يشهد اختراقاً واسعاً من قبل مافيات محلية وإقليمية، حيث تُباع أدوية مغشوشة ومنخفضة الجودة مصدرها مصانع غير مرخصة في الصين ولبنان والهند.
وبحسب التقرير، فإن بعض الأدوية تدخل عبر منافذ غير شرعية بمساعدة ميليشيات محلية، وتُوزع في الأسواق بأسماء شركات وهمية أو مزورة. كما اتهم التقرير ميليشيات عراقية مرتبطة بإيران بإنشاء مصانع أدوية في مناطق خارج السيطرة الحكومية، واستخدامها لتوزيع منتجات طبية مشبوهة إلى كردستان عبر طرق التهريب.
حزب الله اللبناني ودوره في الشبكة
في اتهام خطير، أشار التقرير إلى تورط حزب الله اللبناني في إدارة مصانع مماثلة في مناطق سورية ولبنانية، يتم منها تصدير الأدوية المغشوشة إلى العراق وكردستان. وقد سبق أن كشفت تحقيقات في لبنان عن فضائح متعلقة بتهريب الأدوية المغشوشة تورط فيها أشخاص مرتبطون بالحزب.
الواقع الصحي المتدهور في كردستان
مستشفى “هيوا” نموذج للإهمال الحكومي
تناول التقرير واقع مستشفى “هيوا” لعلاج السرطان في السليمانية، واصفاً إياه بـ”المتهالك وغير المناسب”، رغم كونه المستشفى التخصصي الوحيد لعلاج أمراض السرطان في الإقليم. وأشار إلى أن المستشفى “يعاني من نقص في الإمكانيات والموقع غير الملائم داخل المدينة”.
ومع ذلك، يستقبل مستشفى هيوا سنوياً آلاف المرضى من مختلف أنحاء العراق، ويقدم علاجات مكلفة قد تصل إلى 6000 دولار شهرياً مجاناً للمرضى.
تطورات إيجابية في أجهزة التشخيص
رغم التحديات، أشار تقرير المنظمة إلى تطور إيجابي نسبي في عدد أجهزة الأشعة المقطعية (CT) في مستشفيات الإقليم، التي ارتفعت من 100 جهاز نهاية 2024 إلى 224 جهازاً حتى حزيران 2025.
تداعيات خطيرة على الصحة العامة
أرقام مفزعة للأدوية المهربة
تشير إحصائيات مختصة إلى أن ما يدخل إلى العراق من أدوية بشكل رسمي لا يتجاوز 30% فقط، بينما تصل النسبة المتبقية عبر التهريب. وقد أعلنت الأجهزة الأمنية العراقية عن ضبط أكثر من 100 طن من الأدوية المهربة خلال العام الماضي فقط.
مخاطر صحية جسيمة
يؤكد المختصون أن هذه الأدوية المهربة والمغشوشة تشكل خطراً جسيماً على حياة المرضى، خاصة أنها تُنقل وتُحفظ في ظروف غير آمنة، مما يؤدي إلى تلف جزء كبير منها قبل وصولها إلى المرضى.
وفي هذا السياق، حذرت مديرية السيطرة على استيراد وصناعة الأدوية في إقليم كردستان من وجود أدوية مغشوشة خطيرة في أسواق الأدوية.
دور السلطات في مواجهة الأزمة
تحقيقات حكومية محدودة
أكدت المنظمة تشكيل لجنة صحية حكومية في محافظة السليمانية لفحص عدد من المراكز المشبوهة، وخلصت نتائج التحقيقات إلى أن العديد من هذه المراكز لا تخضع لأي رقابة صحية، ولا توجد جهة رسمية تدعم جهود إغلاقها أو الحد من انتشارها.
جهود أمنية متواضعة
من جانبها، تعلن الأجهزة الأمنية العراقية بين فترة وأخرى عن ضبط شحنات أدوية غير مرخصة، لكن المختصين يؤكدون أن هذه الجهود تبقى محدودة أمام حجم الشبكات المنظمة التي تدير تجارة تهريب الأدوية.
الشبكات الإقليمية للتهريب
طرق متعددة للتهريب
تستخدم شبكات تهريب الأدوية طرقاً متعددة ومعقدة، منها الطرق البرية الفرعية والمنافذ غير الرسمية، خاصة عبر الحدود الطويلة بين العراق وإيران التي تمتد لأكثر من 1400 كيلومتر.
ويؤكد الخبراء أن محافظة ديالى تعد إحدى أكثر المحافظات التي تشيع فيها عمليات التهريب، حيث تشكل حلقة الوصل بين تجارة إقليم كردستان ووسط وجنوب العراق.
مافيات متنفذة تحت حماية مسلحة
لأكثر من 20 عاماً، تحولت عمليات تهريب الأدوية إلى مافيات متنفذة تستظل بقوى مسلحة، وتدر ملايين الدولارات على المهربين. وتشير التقارير إلى أن هذه المافيات تتمتع بحماية من جماعات مسلحة وأحزاب سياسية متنفذة.
خسائر مالية فادحة
يُقدر المختصون أن العراق ينفق ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، بينما لا يغطي الإنتاج المحلي أكثر من 15% من احتياج السوق. وفي الوقت نفسه، تشير الإحصائيات إلى أن إقليم كردستان وحده يخسر أكثر من 168 مليون دولار سنوياً بسبب المراكز الصحية غير القانونية










