تحذير عاجل من توماس باراك بشأن مستقبل لبنان
حذر المبعوث الأمريكي الخاص توماس باراك من أن لبنان يواجه تهديداً وجودياً خطيراً ما لم يتحرك بسرعة لمعالجة ملف أسلحة حزب الله. وفي تصريحات صادمة لصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، أكد باراك أن لبنان قد يعود إلى “بلاد الشام” إذا لم يتخذ إجراءات حاسمة لنزع سلاح حزب الله.
التحذير الأمريكي الصريح
أوضح توماس باراك، الذي يشغل منصب المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا وسفير الولايات المتحدة في تركيا، أن الوضع الإقليمي يتطور بسرعة مذهلة، مما يضع لبنان في موقف حرج. وقال باراك في تصريحه الذي أثار ضجة واسعة: “لديك إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام”.
“لبنان منتجعنا الشاطئي”
في تصريح لافت، كشف المبعوث الأمريكي عن التوجه السوري تجاه لبنان، قائلاً: “السوريون يقولون إن لبنان منتجعنا الشاطئي. لذا علينا التحرك”. وأضاف باراك أنه يعلم مدى إحباط الشعب اللبناني من الوضع الحالي، مؤكداً أن هذا الأمر “يحبطه” شخصياً.
الضغوط الأمريكية لنزع سلاح حزب الله
الاقتراح الأمريكي
قدم باراك الشهر الماضي اقتراحاً للسلطات اللبنانية يتضمن نزع سلاح حزب الله بالكامل وإجراء إصلاحات اقتصادية لمساعدة البلاد على الخروج من أزمتها المالية التي استمرت ست سنوات. يربط الاقتراح الأمريكي بين المساعدة في إعادة الإعمار ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، ونزع سلاح حزب الله بالكامل في جميع أنحاء البلاد من جهة أخرى.
الرد اللبناني
ردت السلطات اللبنانية بتقديم وثيقة من سبع صفحات تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المتنازع عليها، بما في ذلك مزارع شبعا، وتؤكد سيطرة الدولة على جميع الأسلحة مع التعهد بتفكيك ترسانة حزب الله في جنوب لبنان. لكن الوثيقة توقفت عند حدود الموافقة على نزع سلاح حزب الله على الصعيد الوطني.
موقف حزب الله وتحديات التنفيذ
رفض حزب الله لنزع السلاح
أعلن الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم رفض الحزب القاطع لنزع السلاح تحت الضغط الإسرائيلي. وقال قاسم في خطابه: “لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح المقاومة”. وأضاف أن الحزب سيواجه من يعمل على نزع سلاحه، كما واجه إسرائيل سابقاً.
التحديات الأمنية والسياسية
يواجه لبنان تحدياً كبيراً في تنفيذ أي خطة لنزع سلاح حزب الله، حيث يعاني الجيش اللبناني من نقص في التمويل والموارد. وحسب باراك، فإن الجيش اللبناني يعمل “بميزانية محدودة”، مما اضطر قوات اليونيفيل إلى تعبئة 10,000 جندي لتعويض النقص.
السياق الإقليمي والتطورات السورية
التغيرات في سوريا
تأتي هذه التحذيرات الأمريكية في سياق التغيرات الإقليمية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا. وقد أشار باراك إلى أن هذا التطور يزيد من الضغط على لبنان لاتخاذ قرارات حاسمة بشأن مستقبله.
بلاد الشام كمفهوم تاريخي
يستخدم مصطلح “بلاد الشام” للإشارة إلى المنطقة التاريخية التي تضم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية. وقد كانت هذه المنطقة تشكل وحدة جغرافية وسياسية مترابطة قبل التقسيمات الحديثة التي أدت إلى إنشاء دول منفصلة.
التدخل الدولي والدعم الخليجي
الاستعداد الأمريكي والخليجي للمساعدة
أكد باراك أن الولايات المتحدة والسعودية وقطر مستعدة لتقديم المساعدة إذا تحرك لبنان لحل أزمته. لكنه أشار إلى أن الدول الخليجية تتردد في الاستثمار بسبب التجارب السابقة مع الفساد في لبنان.
التحديات المالية
واجه الجيش اللبناني تحديات مالية كبيرة، حيث يستخدم معدات عمرها 60 عاماً، مما يحد من قدرته على القيام بمهام أمنية حساسة. وقد سعت الولايات المتحدة لطلب تمويل من شركائها الخليجيين لدعم الجيش اللبناني، لكنها واجهت مقاومة بسبب مخاوف من استمرار الفساد.
خطة نزع السلاح المقترحة
الآلية المقترحة
اقترح باراك آلية تتطلب موافقة حزب الله على نزع أسلحته الثقيلة طوعياً، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، وتسليمها لمستودعات مراقبة تحت إشراف الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل والجيش اللبناني. وشدد على أن هذه العملية يجب أن تبدأ من مجلس الوزراء اللبناني، مع ضرورة موافقة حزب الله كحزب سياسي.
مخاطر الحرب الأهلية
حذر المبعوث الأمريكي من أن محاولة نزع سلاح حزب الله بالقوة قد تثير اضطرابات وتؤدي إلى حرب أهلية. وأوضح أن الهدف هو تجنب الصراع المسلح من خلال التفاوض والتوافق السياسي.
التطورات الأخيرة والمواقف الدولية
زيارة باراك إلى بيروت
خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت في يوليو 2025، عبر باراك عن رضاه عن الرد اللبناني على المقترحات الأمريكية. وقال في مؤتمر صحفي: “أنا ممتن جداً للرد اللبناني.. الرد مدروس وموزون”. لكنه أشار إلى وجود نقاط خلاف لا تزال قائمة.
الضغط الزمني
شدد باراك على أهمية التحرك السريع، محذراً من أن صبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب له حدود. وقال: “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملتزم بدعم لبنان، لكنه ليس صبوراً إلى ما لا نهاية”.
التوقعات المستقبلية
تشكل تحذيرات المبعوث الأمريكي الخاص نقطة تحول مهمة في الأزمة اللبنانية، حيث تضع لبنان أمام خيارات صعبة بين الاستجابة للضغوط الأمريكية لنزع سلاح حزب الله أو مواجهة تهديد وجودي قد يؤدي إلى عودته إلى “بلاد الشام”. وتتطلب هذه المرحلة الحساسة توافقاً سياسياً داخلياً وحكمة في التعامل مع الضغوط الإقليمية والدولية لضمان استقرار لبنان وسيادته.










