في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واتساع دائرة الصراع بين إيران وخصومها في المنطقة، حذر مسؤول أمريكي سابق من أن طهران تستعد لاعتماد استراتيجية الاغتيالات كأداة رئيسية للرد على خسائرها السياسية والعسكرية الأخيرة، مشيرا إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يعدان من أبرز الأهداف المحتملة.
مايكل روبين: إيران قد تتحرك في كردستان وأماكن أخرى
الباحث الأميركي مايكل روبين، الذي شغل سابقا منصبا بارزا في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، كشف أن إيران تحضر قائمة اغتيالات تشمل شخصيات محورية في سوريا ولبنان، في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض واستعادة نفوذها المتراجع، خصوصا بعد الضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة كبار القادة العسكريين في طهران.
أحمد الشرع: اغتيال قد يشعل سوريا مجددا
وفق روبين، فإن اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع سيكون بمثابة تفجير شامل للمشهد السوري، وسيدخل البلاد في موجة دموية جديدة قد تمتد لسنوات. ويرى أن طهران تنظر إلى الشرع كعقبة أمام طموحاتها التوسعية، خصوصا بعد تبنيه مواقف مناهضة لإيران، وسعيه لإعادة سوريا إلى الحاضنة العربية وبناء علاقات مع الغرب.
مصادر استخباراتية كشفت عن اجتماع سري في محافظة النجف العراقية شارك فيه كبار جنرالات الحرس الثوري الإيراني وضباط من النظام السوري السابق، ناقش خطة محتملة لاغتيال الشرع. وتهدف هذه الخطوة – وفق المعلومات – إلى زعزعة الاستقرار في دمشق وإعادة إحياء الميليشيات التابعة لطهران داخل الأراضي السورية.
محاولات اغتيال فاشلة ضد الشرع
الرئيس الشرع نجا بالفعل من محاولتي اغتيال في يونيو 2025، إحداهما نفذتها جماعات جهادية رافضة لأيديولوجيته، وأخرى خطط لها حزب الله وتنظيم الدولة الإسلامية في محافظة درعا، لكنها أحبطت في اللحظات الأخيرة.
كما أكد توماس باراك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، أن واشنطن تشعر بقلق بالغ حيال أمن الرئيس الشرع، مشيرا إلى ضرورة إنشاء نظام حماية شامل حوله، قائلا: “جهود الشرع لبناء نظام سياسي شامل تجعله هدفا واضحا لطهران.”
سمير جعجع: رأس الحربة في لبنان تحت التهديد
التحذيرات لم تقتصر على سوريا، إذ أشار روبين إلى أن إيران قد تستغل الفوضى الأمنية المحتملة في المنطقة لتصفية خصومها السياسيين في لبنان، وفي طليعتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي يعتبر أحد أبرز الأصوات المعارضة لمشروع طهران الإقليمي.
جعجع كان قد صرح في مقابلة مع “العربية FM” أن “إيران اختطفت القضية الفلسطينية لتبرير تمددها”، مؤكدا أن “لبنان لم يعد ورقة بيد طهران”. ورأى أن إيران تسعى لاستخدام لبنان كورقة ضغط في مفاوضاتها النووية مع الغرب، الأمر الذي يجعل منه هدفا مباشرا للاغتيال في ظل أي تصعيد.
ويحذر مراقبون من احتمال عودة موجة اغتيالات مشابهة لتلك التي أعقبت اغتيال رفيق الحريري، والتي توقفت مع اغتيال محمد شطح، لتستأنف اليوم في إطار حسابات إقليمية أكثر خطورة.
استراتيجية اغتيال مدعومة بشبكات إجرامية
تشير وثائق استخباراتية إلى أن إيران استعانت في السابق بعصابات دولية لتنفيذ عمليات قتل في الخارج، حيث ورد اسم ناجي شريفي زندشتي، زعيم شبكة تهريب مخدرات إيرانية، في عدة ملفات اغتيال، كما اعتمدت طهران على قتلة مأجورين في كل من تركيا وأوروبا والولايات المتحدة.
وأكد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (FBI) أن “استخدام إيران لمرتزقة وجماعات إجرامية لقتل معارضيها هو جزء من نهج واضح وممنهج”.
التصعيد الإيراني – الإسرائيلي وتداعياته
في يونيو 2025، شنت إسرائيل سلسلة ضربات ضد مواقع عسكرية إيرانية، استهدفت منشآت نووية وقادة كبار، وأسفرت عن مقتل قائد الحرس الثوري حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، ما يعد أكبر ضربة يتلقاها الحرس منذ اغتيال قاسم سليماني عام 2020.
وبينما اختارت الحكومة السورية الجديدة التزام الصمت حيال التصعيد، وصف الشرع المشروع الإيراني بأنه “كان مؤذيا”، واعتبر أن ما حصل في سوريا “انتصار على مشروع خطير يهدد المنطقة بأسرها”.










