أدى هجوم مباغت نفذته قوة مسلحة تابعة لـ«الكتيبة 419» – وهي وحدة تتبع لرئاسة الأركان العامة في المنطقة الغربية – إلى سيطرتها فجر السبت على سلسلة نقاط مراقبة لجهاز حرس الحدود في محور طويل الشول – أم الفار – المرابحة جنوب-غرب مدينة نالوت.
وأسفر الهجوم عن انسحاب القوة الحدودية التابعة لوزارة الداخلية برئاسة عماد الطرابلسي إلى داخل المدينة، بينما دفعت الأخيرة بتعزيزات مدرعة لاستعادة المواقع الحدودية مع تونس، وفق مصادر محلية وشهود تحدثوا لـ«العربي الجديد».
خلفية الحادث والوقائع الأولية
بدأت المواجهة قبيل منتصف ليل الجمعة عندما أطلق عناصر «الكتيبة 419» النار على إحدى سرايا حرس الحدود أثناء تمركزها في «نقطة أبو الشول»، ثم توسّعت الاشتباكات إلى نقاط أخرى على طول الشريط الحدودي.
عند الساعة الثالثة فجراً أحكمت «419» كامل السيطرة على المواقع الحدودية الثلاثة، مع انقطاع الاتصال اللاسلكي بالقوة المنسحبة، بحسب رواية ضابط ميداني في جهاز حرس الحدود.
مع فجر السبت انطلقت أرتال عسكرية من معسكر القاطع الأمني-نالوت، مدعومة بآليات من كتيبة الدعم المركزي، لاستعادة النقاط، ولا تزال التحركات مستمرة حتى كتابة التقرير.
من هي «الكتيبة 419»؟
تعود جذور الوحدة إلى قرار تشكيل صدر عن رئاسة الأركان عام 2016 لتأمين الحدود الغربية والجنوبية ومكافحة التهريب والهجرة غير النظامية. في مطلع 2025 نُقلت الوحدة عملياً إلى محور نالوت ضمن خطة لتكثيف الدوريات المشتركة مع وزارة الداخلية. وقد نفذت مؤخراً عمليات ضبط لشحنات مخدرات وأدوية مهرَّبة قرب «طويل الطاهر» و«قارة نالوت»، ما أكسبها نفوذاً متزايداً على خطوط التهريب التقليدية.
ردود فعل جهاز حرس الحدود والداخلية
قال مسؤول في مكتب الإعلام بجهاز حرس الحدود إن وحداته «تتعامل مع الوضع وفق قواعد الاشتباك» وإن «استعادة المواقع مسألة وقت بعد وصول التعزيزات». وأشار إلى أن القاطع الأمني-نالوت «يواصل تسيير دورياته المعتادة» رغم الخرق.
بدوره، شدد وزير الداخلية المكلَّف عماد الطرابلسي مراراً على ضرورة «توحيد الجهود العسكرية والأمنية لحماية الحدود الغربية» وأعلن في مارس الماضي عزمه تشكيل قوة متخصصة لهذا الغرض. لكن التداخل بين صلاحيات الجيش والأجهزة التابعة للداخلية ما يزال يخلق فراغات تستغلها التشكيلات المسلحة، وفق محللين.
أهمية الشريط الحدودي مع تونس
تعدّ المنطقة الممتدة من معبر وازن-ذهيبة إلى رأس جدير أخطر بؤر التهريب غرب ليبيا وتشهد بين حين وآخر نزاعات مسلحة على العوائد الجمركية ومسارات الوقود والسلع، كان آخرها انسحاب عناصر الشرطة من رأس جدير في مارس 2024 ثم تشكيل «غرفة أمنية مشتركة» لتأمينه. ويمر الطريق الصحراوي عبر نالوت ليصل إلى المثلث الحدودي مع الجزائر، ما يكسبه قيمة إستراتيجية أكبر.
تحركات عسكرية وتعزيزات
أكد شهود عيان في بلدة وازن الحدودية مرور عشرات الآليات صباح السبت في اتجاه النقاط التي سيطر عليها مقاتلو «419». كما سُمع دوي انفجارات متقطعة في محيط «أم الدود» عند الساعة السابعة صباحاً. ولم يعلن أي طرف عن خسائر بشرية، لكن مصدر طبي في مستشفى نالوت أفاد بوصول ثلاثة جرحى من حرس الحدود حالة أحدهم خطيرة.
الدوافع المحتملة
يرى الباحث في شؤون ليبيا إسماعيل الشيباني أن الحادث «يأتي في سياق صراع قديم على فرض رسوم عبور على الشاحنات وتحصيل إيرادات غير رسمية من معابر فرعية»، مضيفاً أن «تأخر حسم تبعية الكتيبة 419 – هل هي قوة عسكرية أم جهاز حدودي – خلق ازدواجية أدت إلى الصدام». ويشير الشيباني إلى أن قرارات الحكومة في طرابلس الأخيرة بإعادة فتح رأس جدير وترتيب نقاط التسجيل الإلكتروني للمركبات «زادت حدة التوتر بين التشكيلات التي ترى في الإتاوات مصدراً مالياً حيوياً».










