أطلق حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري الأسبق، تحذيراً قوياً من مخاطر تقسيم سوريا وتداعياتها على مستقبل الوحدة الخليجية. هذه التصريحات الاستثنائية، التي نشرها عبر منصة “إكس”، تأتي وسط التطورات المتسارعة في المنطقة بعد تولي أحمد الشرع زمام الأمور في دمشق.
التحذير من تقسيم سوريا: رؤية استراتيجية
كشف حمد بن جاسم في تدوينته المؤثرة عن وجود “مخططات لتقسيم بعض الدول، مثل سوريا الشقيقة، أو فرض أوضاع تجعل هذه المنطقة تدفع أثماناً باهظة لسنوات طويلة قادمة”. هذا التحذير يأتي في ظل الاضطرابات الأمنية التي شهدتها سوريا مؤخراً، بما في ذلك اشتباكات آذار 2025 التي هزت الساحل السوري.
الدبلوماسي القطري المخضرم أكد أن دول مجلس التعاون الخليجي ستكون “أول المتضررين من هذه التبعات”، مما يتطلب “رؤية واحدة وواضحة تجاه هذه التطورات”. هذا التحليل يعكس فهماً عميقاً للترابط الجيوسياسي في المنطقة وتأثير الأزمة السورية على الأمن الخليجي.
مستقبل الوحدة الخليجية: بين القانون والقوة
في جانب مهم من تحليله، تناول حمد بن جاسم مستقبل الاتحاد الخليجي، مؤكداً ضرورة أن تكون “كلمة القانون هي السائدة، وليس كلمة القوة” في حل الخلافات بين الدول الأعضاء. هذه الرؤية تأتي في سياق التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي، حيث شهدت المنطقة زيادة في التوترات السياسية بنسبة 30% خلال العقد الماضي.
الرجل الذي وُصف بـ”مهندس السياسة القطرية” شدد على أن تحقيق اتحاد سياسي حقيقي يتطلب “استقلال القرار الخليجي” وحماية السيادة الداخلية للدول الأعضاء. هذه الدعوة تكتسب أهمية خاصة في ظل التهديدات الإقليمية المتزايدة.
التحديات الأمنية الراهنة والاستجابة الخليجية
تواجه دول الخليج العربي تحديات أمنية متعددة المستويات، كما أكدت الوزارة السعودية للخارجية التي كشفت عن رؤية خليجية موحدة تؤكد “حل الخلافات عبر التفاوض والحوار”. هذه الرؤية تتماشى مع دعوات حمد بن جاسم للتنسيق الخليجي.
من أبرز هذه التحديات الاعتداءات الإيرانية على السيادة القطرية، عندما هاجمت طهران قاعدة العديد الجوية في الدوحة بصواريخ باليستية في 23 يونيو. هذا الحادث يؤكد حجم التهديدات التي تواجه المنطقة ويبرز أهمية التعاون الأمني الخليجي.
الوضع السوري الجديد تحت قيادة أحمد الشرع
مع تولي أحمد الشرع مقاليد الحكم في سوريا كرئيس للمرحلة الانتقالية, تشهد البلاد تحولات جذرية بعد سقوط نظام الأسد. لكن الطريق نحو الاستقرار لا يزال محفوفاً بالمخاطر، كما أظهرت اشتباكات الساحل السوري التي أسفرت عن مقتل أكثر من 147 شخصاً.
هذه التطورات تؤكد صحة تحذيرات حمد بن جاسم من مخاطر تقسيم سوريا وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي. الرئيس السوري الجديد يواجه تحديات هائلة في بناء دولة موحدة مستقرة وسط ضغوط داخلية وخارجية متعددة.
ورغم التحديات الجسيمة، ختم حمد بن جاسم تدوينته برسالة أمل، مؤكداً أن دول الخليج “تملك من القوة ما يكفي لتحقيق هذا الهدف، إذا توفرت الإرادة وصفت النفوس”. وأضاف أن تحقيق هذا الهدف “سيكون بداية لاتحاد قوي وفاعل، ربما لن أراه أنا، ولكن سيراه أولادنا وأحفادنا في المستقبل”.
هذه الرؤية طويلة المدى تعكس إدراكاً عميقاً للتحديات الإقليمية والحاجة إلى استراتيجية خليجية موحدة قادرة على مواجهة تعقيدات الشرق الأوسط.










