في تطور غير مسبوق داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، تقدم عدد من جنود وضباط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بالتماس إلى المحكمة العليا ضد خطة الحكومة لنقل مئات الآلاف من الفلسطينيين من مناطقهم إلى “منطقة إنسانية” في جنوب قطاع غزة، فيما بات يعرف إعلاميا بـ”خطة رفح”.
ووفقا لما نقلته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد اتهم مقدمو الالتماس الحكومة والقيادة العسكرية بطلب المشاركة في “حرب تقوم في جوهرها على التهجير القسري”، وهو ما اعتبره الملتمسون انتهاكا صريحا للقانون الدولي.
رفض عسكري نادر ومواجهة مع القيادة السياسية
أشعل هذا التحرك توترا علنيا بين المؤسسة العسكرية ومكتب رئيس الوزراء، حيث شهد اجتماع لمجلس الحرب مشادة كلامية حادة بين رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بسبب اختلاف وجهات النظر حول الخطة المثيرة للجدل.
وفي بيان رسمي صادر عن مكتب زامير، أكد رئيس الأركان أن: “تحريك السكان ليس من أهداف الحرب، والجيش لا يجبر المدنيين على التنقل داخل أو خارج القطاع”.
جنود احتياط يرفضون تنفيذ الأوامر
أفشالوم سال، أحد الجنود الموقعين على الالتماس، صرح: “إذا كانت المهمة هي الطرد والاحتلال والاستيطان، كما يروج، فهي مهمة غير قانونية، ولن أشارك فيها”.
وأضاف أن الجيش اليوم أمام خيارين خطيرين: مواجهة داخلية غير مسبوقة مع الحكومة أو الامتثال لأوامر قد تضر بإسرائيل لعقود قادمة.
خطة كاتس: “مدينة إنسانية” بديلا عن رفح
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد كشف هذا الأسبوع عن ملامح الخطة المثيرة للجدل، التي تنص على:إنشاء “مدينة إنسانية” على أنقاض مدينة رفح، ونقل حوالي 600 ألف فلسطيني من منطقة المواصي إليها بعد فحص أمني دقيق، ومنع السكان من المغادرة بعد دخولهم المدينة.
كما طلب شراكة دولية لإدارة الموقع، مع تولي الجيش تأمين محيط المنطقة دون إدارة المدينة بشكل مباشر.
وتنص الخطة على بدء تنفيذ المشروع في حال تم التوصل إلى هدنة تمتد 60 يوما، يجري التفاوض بشأنها حاليا.
اعتراضات قانونية وخلاف على آليات التنفيذ
وفي محاولة لتقليل حدة الجدل، صرح العميد أورن سولومون بأن: “الاعتراض ليس على التوجيهات السياسية بل على كيفية تنفيذها”، مشيرا إلى ضرورة إنشاء عدة مواقع إيواء بدلا من مدينة واحدة.
غير أن خبراء قانونيين داخل إسرائيل، إلى جانب جهات حقوقية دولية، اعتبروا أن نقل سكان مدنيين قسرا داخل منطقة نزاع يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، ويضع إسرائيل في موقف قانوني وسياسي حرج.
التمزق داخل الجيش الإسرائيلي حيال خطة “مدينة رفح الإنسانية” يعكس انقساما غير مسبوق بين المستويين العسكري والسياسي، ويطرح أسئلة جدية حول مستقبل الحملة العسكرية في غزة، وشرعية خطواتها أمام القانون الدولي. وبينما تؤكد إسرائيل سعيها لفصل المدنيين عن المسلحين، يرى منتقدوها أن ذلك يجري عبر تهجير جماعي دون ضمانات حقيقية للكرامة أو العودة.










