في خطوة غير مسبوقة، قدمت ليبيا إشعارا شفهيا رسميا إلى الأمم المتحدة تعلن فيه رفضها لترسيم الحدود البحرية الذي أعلنته اليونان جنوب جزيرة كريت، مستندة إلى مذكرة التفاهم البحرية الموقعة مع تركيا عام 2019، والتي تثير منذ سنوات جدلا واسعا في شرق المتوسط.
وأكدت صحيفة “بروتوثيما” اليونانية أن هذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها ليبيا اعتراضا موثقا ورسميا لدى الأمم المتحدة ضد الترسيم اليوناني، في تطور ينذر بتصعيد جديد في النزاع البحري المعقد بين البلدين.
طعن رسمي على أساس مذكرة أنقرة – طرابلس
وأرفقت البعثة الليبية في 20 يونيو 2025 إشعارها الشفهي بخرائط تظهر خطوط الترسيم البحرية المعتمدة وفق المذكرة التركية الليبية، والتي تلغي فعليا المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تدعيها اليونان جنوب جزيرة كريت.
وتظهر الوثائق، التي تم تعميمها كوثيقة رسمية في الأمم المتحدة (A/79/860)، أن ليبيا تشكك مباشرة في الخط الوسيط الذي حددته أثينا كأساس لترسيم حدودها، مشيرة إلى أن المناطق المشمولة بالترخيص اليوناني لاستكشاف النفط والغاز “لا تزال محل نزاع لم يحل”.
اتهامات صريحة لليونان بخرق القانون الدولي
وجاء في نص الإشعار الليبي أن “اليونان ارتكبت انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، ولا سيما لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”، مضيفة أن الخطوة اليونانية تقوض مبادئ الاحترام المتبادل والحل السلمي للنزاعات، وتشكل محاولة “لفرض أمر واقع على حساب المصالح السيادية الليبية”.

ودعت طرابلس المجتمع الدولي، بقيادة الأمم المتحدة، إلى التدخل لحماية السلام والاستقرار في شرق المتوسط، والضغط على أثينا للتراجع عن خطواتها الأحادية.
خلاف متصاعد على موارد الطاقة
يتزامن الطعن الليبي مع إعلان اليونان في يونيو الماضي عن مناقصة دولية جديدة لمنح تراخيص استكشاف الهيدروكربونات جنوب كريت، في مناطق قالت ليبيا إنها تقع ضمن حدودها البحرية، وفقا للمذكرة التركية الليبية.
وأكد تقرير صادر عن المؤسسة الوطنية للنفط الليبية – أرفقته البعثة الليبية ضمن المذكرة – أن منطقتي كريت 1 وكريت 2 اللتين تشملان أكثر من 23,000 كم²، تقعان بنسبة 85٪ داخل المنطقة التي تعتبرها طرابلس جزءا من مياهها الاقتصادية.
وذكر التقرير أن شركات كبرى مثل إكسون موبيل وشيفرون أبدت اهتمامها بالتنقيب في تلك المناطق، مما يزيد من حساسية الملف وتعقيداته الجيوسياسية.

ليبيا: مستعدون للحوار، لكننا نرفض فرض الأمر الواقع
رغم لهجة التصعيد، أكدت طرابلس في بيانها الشفهي تمسكها بـ”الحوار البناء والتفاوض لحل النزاعات البحرية”، رافضة “أي محاولة لفرض سياسات الأمر الواقع في مناطق متنازع عليها”.
وتنفي ليبيا أن يكون موقفها الأخير تصعيديا، بل تعتبره خطوة قانونية طبيعية للدفاع عن حقوقها السيادية، مشيرة إلى أن النزاع يجب أن يحل عبر مفاوضات ثنائية أو من خلال محكمة العدل الدولية في لاهاي، إذا تعذر التوصل إلى اتفاق.
أثينا: الرد عبر المفاوضات أو المحاكم الدولية
من جهتها، لم تصدر الحكومة اليونانية حتى اللحظة ردا رسميا على المذكرة الليبية، إلا أن وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابيتريتيس، سبق أن اقترح على ليبيا – الشرقية والغربية – تشكيل لجان تكنوقراطية مشتركة لبدء مفاوضات بشأن ترسيم الحدود، مع الاحتكام للمحكمة الدولية في حال فشل الحوار.










