كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن مصادر حضرت اجتماع “الكابينت المصغّر” الذي عُقد مساء أمس، عبّرت عن انطباعها بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مصمم على التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، بل ومستعد لتقديم تنازلات جوهرية لم يكن مستعدًا لها في السابق.
وأشارت المصادر إلى أن من بين أبرز هذه التنازلات المحتملة، الانسحاب من محور “موراج” الواقع بين رفح وخان يونس، وهو موقع استراتيجي حساس لم توافق إسرائيل سابقًا على التنازل عنه. وقال أحد المصادر: “تُجرى الآن محادثات مكثفة في الدوحة، وتتم مناقشة خرائط محدثة. الأمور تتجه نحو الصفقة، وقد يتم إنجازها خلال أيام، حتى لو لم يحدث ذلك خلال يوم أو يومين.”
لا مدينة إنسانية في ظل الصفقة
ووفقًا للتقرير، فإن إتمام الصفقة سيُجهض عمليًا خطة إقامة “مدينة إنسانية” في رفح، والتي كانت تهدف إلى إيواء مئات الآلاف من سكان غزة. وأوضحت المصادر: “لن تكون هناك منطقة إنسانية آمنة ببساطة، وبالتالي فإن فكرة المدينة٧ ستتلاشى.”
خلال الاجتماع، عرض الجيش الإسرائيلي تقديرات جديدة حول مشروع المدينة الإنسانية، مشيرًا إلى أن إنشاؤها سيستغرق أكثر من عام، بتكلفة تتراوح بين 10 و15 مليار دولار، ما يتجاوز بكثير التقديرات السابقة التي تحدثت عن إمكانية إقامة معسكر خيام ضخم في غضون ستة أشهر فقط.
هذه التقديرات الجديدة أثارت غضب نتنياهو، الذي طالب الجيش بتقديم خطة “أقصر، وأقل تكلفة، وأكثر عملية”، وأمر بإعداد خطة محسّنة في أسرع وقت ممكن. وقال نتنياهو للمجتمعين: “أعطوني جداول زمنية أكثر واقعية.”
اتهامات داخلية: الجيش يُفشل المشروع عمدًا
وبحسب الصحيفة، أعرب بعض المشاركين في الاجتماع عن شكوكهم في نوايا الجيش الإسرائيلي، متهمين إياه بتعمد تقديم خطة غير واقعية بهدف إفشال المشروع في ظل الانتقادات الدولية الواسعة التي تواجهها فكرة “المدينة الإنسانية”.
كما نشأ خلال النقاش خلاف حاد حول مصادر تمويل المشروع، الذي قد تصل تكلفته إلى عشرات المليارات من الشواقل، في وقت يشكك فيه كثيرون بإمكانية تنفيذه ميدانيًا وسياسيًا.
بن غفير: “خدعة إعلامية لتغطية صفقة الاستسلام”
من جهته، علّق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على الموضوع، مهاجمًا الخطة ومنددًا بما وصفه بـ”صفقة استسلام” يتم التحضير لها مع حماس. وقال بن غفير:
“المدينة الإنسانية مجرد خدعة إعلامية هدفها التغطية على الصفقة التي تُطبخ. سيتم بموجبها الانسحاب من أراضٍ إرهابية احتُلت بدماء جنودنا، وسيُطلق سراح مئات القتلة. هذه الصفقة تعطي حماس الوقت والهواء لإعادة بناء قوتها. الخدع الإعلامية ليست بديلًا عن النصر الكامل.”
تأتي هذه التطورات وسط ضغوط داخلية وخارجية متزايدة على حكومة نتنياهو لإنهاء أزمة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، في ظل حالة الجمود السياسي والعسكري التي تسود الساحة منذ أشهر. ويبدو أن القيادة الإسرائيلية باتت منفتحة على خيارات كانت تعتبر حتى وقت قريب “خطوطًا حمراء”.










