دخلت محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية جنوب سوريا، مرحلة إنسانية كارثية بعد اندلاع مواجهات دامية استمرت نحو 90 ساعة، أوقعت أكثر من 350 قتيلا، بينهم مدنيون ومسلحون من الطرفين، بالإضافة إلى عناصر من قوات الشرع، في واحدة من أكثر جولات العنف الطائفي دموية منذ سنوات
مجازر في الشوارع… ومشهد مأساوي للمدينة
بحسب الصور والمعلومات الواردة من المدينة، فإن المشاهد الأولى بعد انسحاب القوات السورية المؤقتة كانت مروعة، جثث لنساء وأطفال وشيوخ متناثرة في الطرقات، سيارات محروقة، ومنازل مدمرة أو محترقة.
وقد وثق شهود عيان ومجموعات مدنية إعدامات ميدانية بحق مدنيين في بعض أحياء المدينة، حيث شوهدت نحو 10 جثث في شارع واحد فقط، في مشهد وصفه الناشطون بـ”المجزرة الصامتة”.
وأضافت التقارير أن مسلحين تابعين لقوات الشرع نفذوا عمليات نهب واسعة للمحال التجارية، بما في ذلك صاغات الذهب والبقاليات والمخازن الغذائية، مع تخريب ممنهج للبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة.

البنية التحتية منهارة… وحصار خانق
تشير المعلومات إلى أن الكهرباء مقطوعة منذ أربعة أيام في معظم مناطق المحافظة، فيما توقفت عشرات الآبار عن ضخ المياه بسبب غياب المحروقات.
المشفى الوطني – أكبر مستشفيات السويداء – بات خارج الخدمة، وغصت أروقته بالجثث، بينما توقفت محطات الوقود والمخابز عن العمل، في ظل حصار شامل تسبب في إغلاق المحال التجارية ونفاد المواد الغذائية الأساسية.
وقال ناشطون محليون إن مئات المنازل في مدينة السويداء وقراها الشمالية والغربية تعرضت للنهب والحرق، مؤكدين أن مراكز الإيواء والمضافات باتت مكتظة بالنازحين، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والمساعدات الطبية، مما دفعهم إلى المطالبة بإعلان السويداء منطقة منكوبة.

حصيلة ثقيلة للضحايا وتدخلات دولية
ووفق إحصاءات نشرها المرصد مساء الأربعاء 79 مقاتلا درزيا، 55 مدنيا، 189 من عناصر القوات الحكومية، 18 مسلحا من البدو، 15 جنديا سوريا قتلوا في غارات إسرائيلية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

انسحاب القوات الحكومية وضغوط دولية
أعلنت دمشق مساء الأربعاء بدء انسحاب قواتها من محافظة السويداء، بعد توصلها إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بناء على دعوة أمريكية وضغوط دولية، وسط تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق.
الاتفاق الذي رعته وزارة الداخلية السورية تضمن 14 بندا أبرزها وقف العمليات العسكرية فورا، وتشكيل لجنة مشتركة من ممثلي الدولة وشيوخ الدروز لمراقبة التنفيذ.

من جهته، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن بلاده توصلت إلى توافق مع جميع الأطراف حول “خطوات محددة لإنهاء الوضع المضطرب”، معربا عن أمله في “التزام الجميع بتعهداتهم”.
تل أبيب تضرب بقوة وتحذر
وفي تصعيد لافت، نفذت إسرائيل غارات جوية جديدة استهدفت منشآت حكومية سورية، من بينها وزارة الدفاع ومجمع قريب من القصر الرئاسي، محذرة من تكثيف ضرباتها إذا لم تلتزم دمشق بسحب قواتها من السويداء.
واتهمت تل أبيب دمشق بدعم ما وصفته بـ”القمع ضد الدروز”، محذرة من أي تهديد لما تسميه “المصالح الإسرائيلية في الجنوب السوري”.

الخلفية: شرارة النزاع من عملية خطف
بدأت الاشتباكات يوم الأحد الماضي إثر عملية خطف طالت تاجرا درزيا على يد مسلحين من البدو، تبعها خطف متبادل وتصاعد سريع للتوترات.
ورغم تدخل القوات الحكومية لفض الاشتباكات، قالت مصادر محلية وناشطون إن هذه القوات انحازت لطرف البدو، مما فاقم الغضب الشعبي الدرزي.










